"يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره"

الأربعاء، 2 أبريل 2014

طائفة البهرة في اليمن

طائفة البهرة في اليمن
إعداد: أحمد شجاع
  | 7/7/1424 هـ
لم تكن لهذه الطائفة –بهذا الاسم- شهرة في اليمن كما هو حال بقية أسماء الطوائف الأخرى كالشيعة والمكارمة والقرامطة والصليحية، فهذه المسميات لها حضور في أذهان اليمنيين، وذلك ناتج لما لها من أحداث عبر التاريخ اليمني، ودول قامت باسمها، وشخصيات شهيرة، فمن علي بن الفضل إلى ابن حوشب إلى الملكة أروى بنت أحمد الصليحي (البعض يقول: إن اسمها سيدة)...
أما طائفة البهرة فلم تكن لها أحداث شهيرة باسمها وإن كان البعض يدرجها ضمن (المكارمة)، ولكن شهرتها بدأت منذ ظهور احتفالاتها الدينية في اليمن قبل بضع سنوات فقط عندما سمحت للآخرين بالحضور في مركزهم الديني بصنعاء –الفيض الحاتمي- وكان لوسائل الإعلام دور كبير في إظهار هذه الطائفة، حيث دأبت معظم وسائل الإعلام -الرسمية والحزبية والأهلية– في إبراز هذه الطائفة عقائدياً وسلوكياً، وأماكن انتشارها، وصوّرتها كطائفة هامة لها ثقافة دينية تراثية قديمة، ووسطية في المنهج.
وأهم ما تهتم به هذه الوسائل الإعلامية هو أن هذه الطائفة لا تميل للسياسة، ولكن تحرص على تحسين علاقتها بالأنظمة والحكام، وبنفس الوقت تقوم وسائل الإعلام في النيل من جماعات إسلامية أخرى كالسلفيين والإخوان المسلمين، وتصفها بالتشدد والسعي لنشر "الإسلام السياسي"، وخلق الاضطرابات في المجتمع...، وهذا قد يكون له مغزى من حيث طريقة (التخلية والتحلية)، ففي الوقت الذي تتعرض لها بعض الجماعات الإسلامية من مضايقات ومحاولات تقليص وتشويه، يكون إبراز جماعات وطوائف أخرى وتهيئة عقول الناس لتقبل أفكارها أو على الأقل التعاطف معها، وإلى جانب ما سبق يظهر الاهتمام الرسمي بهذه الطائفة، فعند وصول سلطان البهرة إلى اليمن يجد في استقباله بعض المسؤولين في الحكومة.

تعدادهم وأماكن تواجدهم:

يتركز معظم أفراد طائفة البهرة في منطقة حراز التي تبعد عن صنعاء من جهة الغرب ما بين 80 و 90 كم، حيث يوجد ضريح حاتم الحضرات وهو الداعية الفاطمي الثالث حاتم بن إبراهيم المدفون شرقي حراز(توفي سنة 596هـ).
وهذه الطائفة تنتمي إلى الإسماعيلية التي اشتهرت في اليمن باسم المكارمة، وكلمة (مكارمة) تعود نسبتها إلى المكرم زوج الملكة أروى.
ولكن البهرة ليست من المكارمة، كما أن المكارمة لا وجود لها –تقريباً- في التاريخ الإسماعيلي، وإن كان الجميع يدخلون ضمن الفكر الباطني وبينهم والشيعة تقارب في جانب الولاية.
أما البهرة التي نقصدها فهي من الداؤودية نسبة إلى داؤود بن قطب بن شاه (توفي 1021هـ) –كما ذكر ذلك سلمان رشيد مندوب سلطان البهرة في اليمن- وقيل نسبة إلى داؤود بن عجب شاه (توفي سنة 999هـ)، وهذا ما نفاه سلمان رشيد.
ويتركزون في منطقة الحُطيب بحراز، حيث تعد هذه المنطقة أهم مركز للبهرة بعد بومباي الهندية، وكلمة (بهرة) جاءت من الكلمة الجوجارتية الهندية (فهرو)، وتعني التجارة، وقيل: مأخوذة من كلمة (بهارات) وهي السلعة التي اشتهروا بتجارتها.

توجد هذه الطائفة خارج اليمن في عدة دول، منها: الهند في حوالي (500) قرية ومدينة، ومراكزهم الرئيسية هناك بومباي، وجاجارت، ومهرا شاترا، ووراجستران، وتاميلاندو، وسورت، وموجودون في باكستان والخليج العربي ومصر والعراق وسوريا وشمال أفريقيا وبريطانيا وسيلان وفرنسا وكندا، ويبلغ عددهم تقريباً 12 مليون نسمة في العالم، بينما يرى البعض أنهم عشرة ملايين، وآخرون يرون أنهم مليون، وهذا الاختلاف يرجع إلى عدم وجود دقة إحصائية عنهم، وكذلك بسبب تخفيهم وانعزالهم عن المجتمعات في بعض البلدان، بينما يقدر عددهم في اليمن بـ (12) ألف شخص يتوزعون على حراز (وهم الأغلبية) ومحافظة إب.

أصلها وظهورها:

واشتهرت البهرة بالتجارة والاستثمار العقاري والصناعي والصرافة، وتعد من أكثر الطوائف الإسماعيلية ثراءً، وتولى الدكتور /محمد برهان الدين (92سنة) رئاسة الطائفة خلفاً لوالده الدكتور / طاهر سيف الدين (تـ 1385هـ - 1960م)...
وحالياً يعد برهان الدين الإمام (السلطان) المطلق الثاني والخمسين ومقر إقامته في مدينة بومباي الهندية، وتنحدر عائلته من سلالة أحد ملوك الهند ويدعى (تارمل)، وكان يعكف على عبادة (الفيل)، ودخل (الملك) الدعوة الإسماعيلية البهرية في مطلع القرن السادس الهجري على يد داعيين يمنيين، هما: (أبو عبد الله الكوكباني) و (أبو أحمد الصنعاني)، ويعد محمد برهان الدين من كبار أثرياء الهند، إذ يقدر دخله في السنة حوالي 220مليون دولار، ويفرض على أفراد طائفته إتاوات ضخمة.
من خلالها استطاع شراء وإنشاء أكثر من عشرين مصنعاً كبيراً في الهند وباكستان وغيرهما، وله فنادق ضخمة مثل فندق (أمبيسدر أتيل) وفندق (سند زهاوس)، واشترى مشروع المياه الغازية (كوكاكولا) في بوبماي.

زعامة الطائفة:

انتقلت زعامة الطائفة الداؤودية من اليمن إلى الهند سنة 944هـ بعد ضعف الإسماعيلية في اليمن ومحاربة أئمة الزيدية (الهادوية) لهم، حيث انتقلت من الداعية اليمني محمد عز الدين إلى أول داع ٍهندي هو يوسف نجم الدين من عائلة (تارمل)، وهو الداعي رقم 24 في سلسلة دعاة الداؤودية، ومع الزمن أصبحت نيابة الإمام المستتر (الطيب ابن الآمر) –كما يزعمون- حكراً على أبناء تارمل، ولهذا يقول سلمان رشيد مندوب سلطان البهرة في اليمن لجريدة (الثقافية) إن داعي الإمام (النائب عنه) هو من يعرف الإمام المنتظر إذا خرج، ويضيف أن الإمام لديهم يأخذ عمره الطبيعي أثناء مراحل الاستتار ثم يوصي لابن من سلالته بالإمامة، أي: أن الإمام سيظهر ليس هو الإمام الذي استتر لأول مرة (الطيب بن الآمر) قبل عدة قرون، بل سيكون واحد من سلالته (يلاحظ أنهم يختلفون عن الاثني عشرية في مسألة الإمام المنتظر، فالاثنا عشرية يعتقدون بأن إمامهم المستور قبل عدة قرون هو نفسه الذي سيظهر وإن تأخر ظهوره، أما البهرة فيؤمنون بالعمر الطبيعي لإمامهم المستور).

وجاء في مجلة (الأهرام العربي 333) أن الملكة أروى بنت أحمد الصليحي زعمت بأنها أخفت الطيب ابن الآمر، وجعلت نفسها كفيلة ونائبة عنه في تولي شؤون الدعوة الإسماعيلية الفاطمية، أما طقوسهم الدينية السنوية في اليمن فتبدأ بزيارة سلطانهم إلى اليمن، حيث يجتمع الآلاف في قرية الحُطيب الحرازية، وتقع الحُطيب على جبل شاهق ينتصب في أعلاه حصن منيع يحمل فوق رأسه جامعاً قديماً بني منذ تسعمائة سنة –في عهد الصليحيين- يصعدون إليها من جهة واحدة فقط لزيارة الضريح، وفي مولد (الولي) يحمل (الحجاج) البهرة سلطانهم على كرسي له ثمانية مقابض (ويروى أنهم عند حملهم للسلطان يقرؤون قوله _تعالى_: "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية") بينما تنفي الطائفة هذا القول بشدة...
أما لباسهم الرسمي فهو على الطريقة الهندية وباللون الأبيض، ولهم قبعات مطرزة بخيوط ذهبية، ونساؤهم يلبسن الرداء على الطريقة الهندية بألوان وردية وسماوية وبيضاء أيضاً.

من عقائدهم الباطلة:

وفيما يلي بعض المقتطفات من عقائدهم من خلال الحوار الذي أجرته جريدة (الثقافية) العدد (199) مع مندوب السلطان في اليمن سلمان رشيد -هندي يحمل الجنسية الأمريكية– (ويعد المندوب في أي بلد بمثابة حلقة وصل بين البهرة وسلطانهم)، ففي بداية الحوار نفى المندوب أن تكون البهرة من القرامطة، واتهم القرامطة بأنهم انفصلوا عن الدعوة الفاطمية في زمن الإمام الحسين (المستور)، وبذلك خرجوا عن المذهب الفاطمي" بل أكد أنهم خرجوا على الدين الإسلامي بما حللوه من الحرام وبما حرموه من الحلال، وحدد تاريخ خروجهم ما بين (200) و (280)هـ ، بل يقول أحد مشائخهم، وهو: عبد الله جرمة: إن علي بن الفضل ملعون مارق استحل المحارم وسفك الدماء ولا علاقة لدعوتنا به.

وعن الإسماعيلية الموجودين في بني يام (نجران) ووادعة (صعدة)، قال: إنهم من السليمانية (المكارمة)، وينتسبون إلى سليمان بن الحسين (تـ 1005هـ)، وأنهم يعتقدون بسلسلة الدعاة من السليمانية، والبهرة يعتقدون بالسلسلة من الداؤودية (أي: من نسل داؤود بن قطب شاه).

وعن كتبهم يقول: إنها موجودة بين ظهراني الناس، ونفى أن تكون كتبهم متداولة –في السر- بينهم، ووصف من يقول ذلك بأنه يتهمهم بالباطنية، وفي نفس الوقت يقول: إن حرصهم على عدم طرح كتبهم للتداول العام بين الناس جاء نتيجة احترامهم لآراء الناس علاوة على "أن دعوتنا ليست دعوة تبليغية، ولو قمنا بالفعل بنشر كتبنا لظنوا أننا نسعى لدعوة الناس إلى مذهبنا"، وهذا –القول- فيه تناقض حيث في البداية يؤكد أن كتبهم موجودة "بين ظهراني الناس" ثم يقول: إنهم يحرصون على عدم نشرها.
ويؤكد في هذا الحوار أنهم ليسوا ضد مبدأ (التقية)، ولكن ليست على طريقة الشيعة، فيقول: "لنا فهم خاص للتقية فهي في مفهومنا أن تكون لنا مجالسنا الخاصة بنا وكتبنا الخاصة أيضاً..." كما نفى في حواره أن يكون للقرآن باطن يخالف للظاهر.

وحول مصطلح (الفيض) الذي يتداولونه وعلاقته بنظرية (الفيض) لدى أفلاطون –التي تتحدث عن مراتب نشأة الوجود- قال: إنه المجمع أو المكان الذي توافد إليه الزوار...، ونفى أن يكون لهذا المصطلح علاقة بفلسفة أفلاطون.

وفي حوارٍ له مع قناة الجزيرة بتاريخ 2/8/2001م أكد أن جماعته تعتقد بولاية علي بن أبي طالب بعد رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ثم الحسن ثم الحسين ثم تكون الإمامة من نسل الحسين، ثم تطرق الحوار لمسألة التوسل بواسطة الأئمة كما جاء في كتاب (صحيفة الصلاة) لمحمد برهان الدين، حيث يعتقدون ذلك، ويعتقدون –حسب ما في الحوار- أن الأئمة والأنبياء والصالحين والصديقين والشهداء "هم الوسائل إلى الله، والعمل الصالح بطاعة الأئمة".

العلاقات السياسية للطائفة:

أما علاقتهم بالسياسة ودورهم فيها فينفون ذلك، حيث يقول سلمان رشيد -في هذا الحوار -: إنه لا يوجد طموح سياسي وإن كانت لهم مشاركة فبشكل فردي بصفة المواطَنة وليس باسم البهرة، وذكر أن مرشحين من طائفة البهرة فازوا في الانتخابات المحلية اليمنية في العاصمة صنعاء ومنطقة حراز، كما ذكر أنهم ينوون المشاركة في الانتخابات النيابية مستقبلاً، ورغم هذا النفي وإظهار وسائل الإعلام لهم بأنهم بعيدون عن السياسة إلا أن بعض المصادر التي تتحدث عنهم تؤكد أن لهم طموحات وخطط لبناء دولتهم والسيطرة على الأنظمة، وتستند هذه المصادر إلى تاريخهم السياسي وصراعاتهم مع الدول الإسلامية عبر التاريخ، سواءً في اليمن أو خارجها، كذلك تستند إلى حقائق قائمة، ومن ذلك –حسب ما ذكره علوي طه الجبل في كتابه (الشيعة الإسماعيلية .. رؤية من الداخل)- :
يطلق محمد برهان الدين على نفسه اسم (السلطان) وعلى أبنائه اسم (الشاه زاده) ،أي: الأمراء، وعلى بناته (الشاه زادي)، أي: الأميرات، ويسمى مبعوثه الهندي الذي ينوب عنه في إدارة شؤون أتباعه في الأقطار الأخرى (بالأمير).
يؤكد محمد برهان الدين عند زيارته للدول الإسلامية على ضرورة مقابلة رئيس الدولة وكبار الحكومة، وقد كان الاستعمار البريطاني يستقبل والده بواحد وعشرين طلقة مدفع كما يستقبل الملوك والرؤساء، كما يصر الداعي على أن تصحبه المواكب الضخمة وسيارات الرئاسة في البلد المضيف والموسيقى العسكرية التي تعزف بالنشيد البهري الخاص.
أنشأ الداعي حكومة يرأسها رئيس وزراء، وتضم وزراء المالية والداخلية والخارجية والإعلام والعلاقات العامة.
لهم علم خاص، وقوات مسلحة خاصة مدربة تدريباً عسكرياً.
لهم دستور خاص تم إرسال نسخة منه إلى اليمن في السبعينيات...

عنصرية الطائفة:

وأضاف الجبلي( صـ39) أن اليمن تُعد قبلة الأطماع الإسماعيلية منذ نشأتها الأولى، وأنهم يعتقدون أن دولتهم الجديدة سيكون مولدها في اليمن، ويستدلون بقوله _تعالى_: "كما بدأنا أول خلق نعيده" وقول رسول الله: "الإيمان يماني والحكمة يمانية" ويزيدون "والكعبة يمانية" فهي أرض الميعاد التي سيظهر منها الإمام المستتر..
كذلك حذر علماء ووجهاء محافظة إب من مخطط البهرة للانقلاب ضد السلطة وتكوين دولة جديدة، ففي بيان شديد اللهجة صادر عن علماء إب – في السنة الماضية- توضيح لتحركات البهرة في اليمن، وحذر من تسلمهم المناصب، كما حذر من السماح لهم بشراء الأراضي والبيوت المجاورة للجامع الكبير بمدينة جبلة محافظة إب، كما حذر من تسليمهم قصر السلطنة (قصر الملكة أروى) في نفس المدينة.
ورغم هذه التحذيرات من هذه الطائفة إلا أن بعض الإسلاميين في اليمن يدافعون عنهم، ومن ذلك ما كتبه أحد الإسلاميين المشهورين في اليمن في جريدة (الناس) بعنوان (عن اليمنيين البهرة: مواطنون: نعم.. طائفة: لا) حيث طالب بعدم تسميتهم طائفة وتمييزهم عن بقية اليمنيين، واستنكر هذا التفريق بشدة. الجدير ذكره أن هذا الكاتب ينتمي لحزب إسلامي متهم بمحاربة مثل هذه الطوائف.

http://almoslim.net/node/85262

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق