حوار هادئ على مائدة الدين الإسماعيلي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الأطهار الغر المحجلين.
أمابعد:
هذا موضوع حوار هادئ لشيخنا فضيلة العلامة محمد بن محمد المهدي يرد فيها على الحوثي حسن محمد زيد رئيس حزب الحق والرئيس الدوري لأحزاب اللقاء المشترك يكشف فيها الكثير عن المذهب الإسماعيلي في حراز والعدين وماجاورها بحكم معاشرته لهم وعلمه بأحوالهم حيث يقول أيده الله:
(صورة أرشيفية لفضيلة العلامة محمد المهدي)
بعد دفاع الأستاذ حسن محمد زيد عن الإسماعيلية أدخل معه في بيان بعض أحوالهم والحوار الهادئ حول بعض العقائد وتحريفهم للقرآن وللشريعة والإجابة على بعض تساؤلات أخينا الشيخ ، وسوف أبدأ بذكر :
(أ) مقتطفات من كتاب الشيعة الإسماعيلية لعلوي طه الجبل :
الباطنية المعاصرون تابعون لأئمتهم المتقدمين في تأليه الأئمة يقول جعفر بن منصور زعيمهم السياسي والمنظر الأكبر ( فكل قائم أي في عصره فهو اسم الله الذي يدعى به في ذلك العصر كما قال الله ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) ([1])
ولكي تستوي الفرية ذهبوا يقولون في علي رضي الله عنه أنه قال عن نفسه ( أنا أحيي وأميت وأخلق وأرزق وأبرئ الأكمه والأبرص وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ، أنا الأول وأنا الآخر وأنا الظاهر والباطن وأنا بكل شئٍ عليم وأنا الذي رفعتُ سماءها وأنا الذي دحوتُ أرضها وأنا أنبتُ أشجارها ([2])
فالقرامطة ينطلقون من عبادة آل البيت لينسبوا لأنفسهم صفات الألوهية وقدرات الرب الفاعلة ، فالإمام عندهم يملك صفات القدرة والخلق والإحياء والإماتة ويقولون أما الله فهم يجل عن ذلك وهو فوق الأفعال وأعلى من أن يهتم بقضايا الخلق وهو وإن كان قد أوجد الوجود إلا أنه ترك مصيره بعد ذلك بيد الأئمة فالإمام عندهم هو الرب :
من يصفه بصفات الله ذيوالصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الأطهار الغر المحجلين.
أمابعد:
هذا موضوع حوار هادئ لشيخنا فضيلة العلامة محمد بن محمد المهدي يرد فيها على الحوثي حسن محمد زيد رئيس حزب الحق والرئيس الدوري لأحزاب اللقاء المشترك يكشف فيها الكثير عن المذهب الإسماعيلي في حراز والعدين وماجاورها بحكم معاشرته لهم وعلمه بأحوالهم حيث يقول أيده الله:
(صورة أرشيفية لفضيلة العلامة محمد المهدي)
بعد دفاع الأستاذ حسن محمد زيد عن الإسماعيلية أدخل معه في بيان بعض أحوالهم والحوار الهادئ حول بعض العقائد وتحريفهم للقرآن وللشريعة والإجابة على بعض تساؤلات أخينا الشيخ ، وسوف أبدأ بذكر :
(أ) مقتطفات من كتاب الشيعة الإسماعيلية لعلوي طه الجبل :
الباطنية المعاصرون تابعون لأئمتهم المتقدمين في تأليه الأئمة يقول جعفر بن منصور زعيمهم السياسي والمنظر الأكبر ( فكل قائم أي في عصره فهو اسم الله الذي يدعى به في ذلك العصر كما قال الله ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) ([1])
ولكي تستوي الفرية ذهبوا يقولون في علي رضي الله عنه أنه قال عن نفسه ( أنا أحيي وأميت وأخلق وأرزق وأبرئ الأكمه والأبرص وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ، أنا الأول وأنا الآخر وأنا الظاهر والباطن وأنا بكل شئٍ عليم وأنا الذي رفعتُ سماءها وأنا الذي دحوتُ أرضها وأنا أنبتُ أشجارها ([2])
فالقرامطة ينطلقون من عبادة آل البيت لينسبوا لأنفسهم صفات الألوهية وقدرات الرب الفاعلة ، فالإمام عندهم يملك صفات القدرة والخلق والإحياء والإماتة ويقولون أما الله فهم يجل عن ذلك وهو فوق الأفعال وأعلى من أن يهتم بقضايا الخلق وهو وإن كان قد أوجد الوجود إلا أنه ترك مصيره بعد ذلك بيد الأئمة فالإمام عندهم هو الرب :
العرش تحقيقاً فحقاً وصفه
فصفات الله عزت وعلت
نحوه عنه غدت منصرفه (52)
والمعاصرون متابعون للسابقين يقول طاهر سيف الدين في ابنه برهان الدين وفي حاتم المدفون في شرقي حراز الذي يحجون إليه :
وأرسلتُ برهان الهدى ابني زائراًلرب المعالي حاتم الخير مشهداً
أيا حاتم الخيرات أنـت ملاذنــا
وملجأنا في يومنا وكـذا غـدا (53)
ويقولون في الإمام أنه على كل شئٍ قدير وهو يعلم السر وأنه واحد أحد ملك صمد وهو سدرة المنتهى وشديد القوى ومالك الملك حميد مجيد فعال لما يريد وإله السماء والأرض )
ويقول الداعي إدريس عماد الدين في تأويل قوله تعالى ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) يعني أمير المؤمنين لقيامه بأرض الشريعة وكونه ([3])
وانظر أسباب خروج البهرة المعاصرين في حراز من الباطنية وتوقيع محضر بدخول البهرة في المذهب الزيدي ([4])
تطبيق عملي من المعاصرين / الخضوع والتذلل للسلطان طاهر سيف الدين والد برهان الدين ( سيدنا ومولانا وباب حطتنا ومستجاب دعوتنا ومحط ذنوبنا ومكفر سيئاتنا ومتجاوز عن هفواتنا من جعله رحمة لنا وقابل لتوبتنا داعي الله الأمين حجة أمير المؤمنين شمس الدعاة المطلقين أبي القائد جوهر محمد برهان أطال الله عمره الشريف إلى يوم الدين وأدام لنا أيام سعادته في الدنيا والدين وأمد رحمته علينا وعلى كافة عبيده المؤمنين آمين )
هذه كلمات من يماني حرازي طرده من رحمته سيف الدين وغضب عليه فالتمس رضاه بما هو معهود عندهم من التأليه للسلطان ، فالسلطان إله يستجيب الدعوة ويغفر الذنوب إلخ .
يقول الفقيه والمنظر الإسماعيلي القاضي النعمان المغربي ( إن الصوم هو الستر والكتمان ، ألا ترى قول مريم ( إني نذرتُ للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسياً ) ([5]) ويقول الصوم في الباطن كتمان علم باطن الشريعة عن أهل الظاهر والإمساك عن المفاتحة به فمن يؤذن له في ذلك ([6])
وهذا هو الذي يقول به المعاصرون كعارف تامر و غالب مصطفى والأعظمي وغيرهم من ناشري ضلال الإسماعيلية .
(ب) أخطار متعددة :
وهذه الطائفة حولها أمور في غاية الخطورة على الأمن في البلد وعلى عقائد أهله وعندك ملخص من كتاب الشيعة الإسماعيلية مع الإشارة إلى الصفحات :
1) عدم اعتراف الطائفة بالنظام القائم ([7]) 2) التخطيط للاستيلاء على مواقع استراتيجية حصينة ([8])
3) تجنيس البهرة الدود ([9])
4) التدفق الزائد إلى اليمن دون سبب عقائدي ([10])
5) تشكيل المليشيات المدربة ([11])
6) الترويج لظهور الإمام المستتر من اليمن ([12]) 7) اعترافات تائب حول خطر البهرة على اليمن ([13]) وهو برهان على صحة ما قالوا عن الباطنية .
8) إنشاء تنظيمات سرية ([14])
9) عدم احترام سيادة الدولة وقوانين البلاد ([15]) 10) تجنيد أتباع الطائفة في اليمن ([16])
11) زيارات أعضاء من حزب الفيض إلى إسرائيل ([17]) 12) التنسيق مع جهات مصلحية في البلاد ([18]) بل ولها حلف مع الرافضة وعدة صحف كما هو حاصل في صحيفة الأمة ، والبلاغ ، والشورى قبل أن عُزِل مدير تحريرها (الخيواني) فتوقفت عن هذا الحِلف الآثم..
13) تهريب الأطفال إلى الهند ([19])
ومن شك فعليه مراجعة المصدر السابق في الصفحات المذكورة وسيرى بعيني رأسه . وهذه قضايا مروعة وقد دلل الكاتب على كل فقرة بأدلة واقعية . وهذه كلها مع فساد العقائد اتباعاً للسابقين ، فهي كذلك خطر على البلد وأهله وأمنه ، مع العلم أن صاحب كتاب ( الشيعة الإسماعيلية ) الذي لخصتُ هذه النقول من كتابه معاصرٌ وعن قرب يكتب عن القوم ويعيش بجوارهم .
أما قول الأخ حسن زيد أنه خرج مرة إلى حراز وصلى معهم ووجد مساجدهم عامرة فيقال:
1) مع أنا نسأل الله أن يكون الأمر كذلك وأن يهدي الجميع إلى رضوانه وإلى ترك الضلال والتحريف لكتابه وشريعة نبيه .
2) فأقول رداً على هذا والكاتب المشار إليه سابقاً عاش مع القوم وكتب عن معرفة وقرب كذلك ما نقله في الكتاب عن توبة عدد كبير من معتنقي المذهب ورجوعهم إلى مذهب الإمام يحيى إمام الزيدية وإلى السنة ([20]) .
3) لا ننس أن التظاهر بخلاف الواقع عند الإسماعيلية والباطنية عموماً والإمامية ( التقية ) دين يدينون الله به ، فقد نسبوا إلى الباقر مع الرافضة قوله( التقية دين آبائي وأجدادي ومن لا تقية له لا دين له ) فهم يظهرون للناس خلاف الباطن .
4) والكاتبون عن الباطنية عن قرب كتبوا كالحمادي ، وطه الجبل ، ومصطفى غالب ، وعارف تامر ، والأعظمى ، والهمداني والأربعة الآخرون إسماعيلية معاصرون وهم يصرحون بحرية عن مذاهب قومهم .
5) هناك مناطق في غير حراز يتواجدون فيها كما في منطقة عراس يريم والمزاحن فرع العدين وهناك من الزيدية في يريم والشافعية في إب العدين يعرفون عنهم ترك الجمعة ويذكرون من ترك أداء الشعائر ومن المخالفات وقد رجع بعض عنهم وتركهم توبة من مذهبهم وحتى ما ظهر من عباداتهم فهم لا يصومون يوم يصوم المسلمون و لا يفطرون يوم فطرهم ، وهكذا يفعل الرافضة ، وقد عاد عدد جم من الشباب عن هذا المذهب ويذكرون أن الطلاب وإن درسوا في مدارس الحكومة فهم لا يصدقون المنهج الرسمي و إنما يصدقون ما يقول مرجعهم ، لقد حسن الظن بالأخ حسن إلى حد تجاوز ما كتبه عن الباطنية المتقدمون والمتأخرون ، وما سطره الباطنية في كتبهم من الزندقة في تأويل الشريعة و صرفها عن ظاهرها و جعل كل طاعة وولاية وآية تدور حول الإمام ومدحه ومدح أتباعه وذم مخالفيه ، وكيف قدم ما شاهده مرة و هو واحد على ما شهده غيره على مر العصور و ما نطق القوم عن أنفسهم ومهما يكن من شئ فمع أمنيتنا له بمزيد من حسن الظن بالآخرين فسوف نخالفه هنا كما خالفناه سابقاً حول الرافضة .
(ج) الفرق بين الداوودية والسليمانية من الإسماعيلية :
أما كون الأستاذ حسن لا يعرف الفرق بين الداوودية والسليمانية فما وصلتُ إليه بعد بحث هو :
1) في الزعامة : حيث يتبع الدود زعامة برهان الدين في الهند ويتبع السليمانية زعامة الهمداني في نجران ، وهذا الفرق قد أشار إليه الأخ حسن زيد نفسه .
2) المكارمة السليمانية لم يعرف عنهم القيام بالطقوس الشركية علناً أمام الأضرحة ، و السجود للإمام كما يفعله الدود ، و يشعرون بالضيق والحرج الكبيرين من المجتمع الذي يسخط لتلك الشركيات ولا يعرف سوى المكارمة مع أنهم بريئون من ذلك ، ولذلك فالقطيعة بين المكارمة والدود شبه قائمة ، واللعن بينهم متبادل ، وباستثناء هذه فالجميع يشربون من منبع واحد وعقيدة مشتركة ولا فرق بين الطائفتين ، وهذا ما أشار إليه الأستاذ علوي الجبل في ( الشيعة الإسماعيلية ) (72) فهو فرق ثان ، أما في التأويل فالفرقتان متفقتان . وهما فرقان لا يُغيِّران كثيراً من الحكم على الطائفتين بمباينة عقيدة المسلمين .
3) وسُميت الداوودية نسبة إلى داود ابن قطب شاه (ت 1021) والسليمانية نسبة إلى رجل يدعى سليمان وقد وقع الإنقسام بعد وفاة داود برهان الدين بن عجب بن شاه عام (999) وقد كانوا قبل ذلك شيئاً واحداً كما في مقدمة المحامي الغراوي على سمط الحقائق لداعي الدعاة علي بن حنظلة الوادعي (ت 626) ص8 .
(د) خطورة وتحريم تكفير المسلم بدون ناقض من نواقض الإسلام :ويقول الداعي إدريس عماد الدين في تأويل قوله تعالى ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) يعني أمير المؤمنين لقيامه بأرض الشريعة وكونه ([3])
وانظر أسباب خروج البهرة المعاصرين في حراز من الباطنية وتوقيع محضر بدخول البهرة في المذهب الزيدي ([4])
تطبيق عملي من المعاصرين / الخضوع والتذلل للسلطان طاهر سيف الدين والد برهان الدين ( سيدنا ومولانا وباب حطتنا ومستجاب دعوتنا ومحط ذنوبنا ومكفر سيئاتنا ومتجاوز عن هفواتنا من جعله رحمة لنا وقابل لتوبتنا داعي الله الأمين حجة أمير المؤمنين شمس الدعاة المطلقين أبي القائد جوهر محمد برهان أطال الله عمره الشريف إلى يوم الدين وأدام لنا أيام سعادته في الدنيا والدين وأمد رحمته علينا وعلى كافة عبيده المؤمنين آمين )
هذه كلمات من يماني حرازي طرده من رحمته سيف الدين وغضب عليه فالتمس رضاه بما هو معهود عندهم من التأليه للسلطان ، فالسلطان إله يستجيب الدعوة ويغفر الذنوب إلخ .
يقول الفقيه والمنظر الإسماعيلي القاضي النعمان المغربي ( إن الصوم هو الستر والكتمان ، ألا ترى قول مريم ( إني نذرتُ للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسياً ) ([5]) ويقول الصوم في الباطن كتمان علم باطن الشريعة عن أهل الظاهر والإمساك عن المفاتحة به فمن يؤذن له في ذلك ([6])
وهذا هو الذي يقول به المعاصرون كعارف تامر و غالب مصطفى والأعظمي وغيرهم من ناشري ضلال الإسماعيلية .
(ب) أخطار متعددة :
وهذه الطائفة حولها أمور في غاية الخطورة على الأمن في البلد وعلى عقائد أهله وعندك ملخص من كتاب الشيعة الإسماعيلية مع الإشارة إلى الصفحات :
1) عدم اعتراف الطائفة بالنظام القائم ([7]) 2) التخطيط للاستيلاء على مواقع استراتيجية حصينة ([8])
3) تجنيس البهرة الدود ([9])
4) التدفق الزائد إلى اليمن دون سبب عقائدي ([10])
5) تشكيل المليشيات المدربة ([11])
6) الترويج لظهور الإمام المستتر من اليمن ([12]) 7) اعترافات تائب حول خطر البهرة على اليمن ([13]) وهو برهان على صحة ما قالوا عن الباطنية .
8) إنشاء تنظيمات سرية ([14])
9) عدم احترام سيادة الدولة وقوانين البلاد ([15]) 10) تجنيد أتباع الطائفة في اليمن ([16])
11) زيارات أعضاء من حزب الفيض إلى إسرائيل ([17]) 12) التنسيق مع جهات مصلحية في البلاد ([18]) بل ولها حلف مع الرافضة وعدة صحف كما هو حاصل في صحيفة الأمة ، والبلاغ ، والشورى قبل أن عُزِل مدير تحريرها (الخيواني) فتوقفت عن هذا الحِلف الآثم..
13) تهريب الأطفال إلى الهند ([19])
ومن شك فعليه مراجعة المصدر السابق في الصفحات المذكورة وسيرى بعيني رأسه . وهذه قضايا مروعة وقد دلل الكاتب على كل فقرة بأدلة واقعية . وهذه كلها مع فساد العقائد اتباعاً للسابقين ، فهي كذلك خطر على البلد وأهله وأمنه ، مع العلم أن صاحب كتاب ( الشيعة الإسماعيلية ) الذي لخصتُ هذه النقول من كتابه معاصرٌ وعن قرب يكتب عن القوم ويعيش بجوارهم .
أما قول الأخ حسن زيد أنه خرج مرة إلى حراز وصلى معهم ووجد مساجدهم عامرة فيقال:
1) مع أنا نسأل الله أن يكون الأمر كذلك وأن يهدي الجميع إلى رضوانه وإلى ترك الضلال والتحريف لكتابه وشريعة نبيه .
2) فأقول رداً على هذا والكاتب المشار إليه سابقاً عاش مع القوم وكتب عن معرفة وقرب كذلك ما نقله في الكتاب عن توبة عدد كبير من معتنقي المذهب ورجوعهم إلى مذهب الإمام يحيى إمام الزيدية وإلى السنة ([20]) .
3) لا ننس أن التظاهر بخلاف الواقع عند الإسماعيلية والباطنية عموماً والإمامية ( التقية ) دين يدينون الله به ، فقد نسبوا إلى الباقر مع الرافضة قوله( التقية دين آبائي وأجدادي ومن لا تقية له لا دين له ) فهم يظهرون للناس خلاف الباطن .
4) والكاتبون عن الباطنية عن قرب كتبوا كالحمادي ، وطه الجبل ، ومصطفى غالب ، وعارف تامر ، والأعظمى ، والهمداني والأربعة الآخرون إسماعيلية معاصرون وهم يصرحون بحرية عن مذاهب قومهم .
5) هناك مناطق في غير حراز يتواجدون فيها كما في منطقة عراس يريم والمزاحن فرع العدين وهناك من الزيدية في يريم والشافعية في إب العدين يعرفون عنهم ترك الجمعة ويذكرون من ترك أداء الشعائر ومن المخالفات وقد رجع بعض عنهم وتركهم توبة من مذهبهم وحتى ما ظهر من عباداتهم فهم لا يصومون يوم يصوم المسلمون و لا يفطرون يوم فطرهم ، وهكذا يفعل الرافضة ، وقد عاد عدد جم من الشباب عن هذا المذهب ويذكرون أن الطلاب وإن درسوا في مدارس الحكومة فهم لا يصدقون المنهج الرسمي و إنما يصدقون ما يقول مرجعهم ، لقد حسن الظن بالأخ حسن إلى حد تجاوز ما كتبه عن الباطنية المتقدمون والمتأخرون ، وما سطره الباطنية في كتبهم من الزندقة في تأويل الشريعة و صرفها عن ظاهرها و جعل كل طاعة وولاية وآية تدور حول الإمام ومدحه ومدح أتباعه وذم مخالفيه ، وكيف قدم ما شاهده مرة و هو واحد على ما شهده غيره على مر العصور و ما نطق القوم عن أنفسهم ومهما يكن من شئ فمع أمنيتنا له بمزيد من حسن الظن بالآخرين فسوف نخالفه هنا كما خالفناه سابقاً حول الرافضة .
(ج) الفرق بين الداوودية والسليمانية من الإسماعيلية :
أما كون الأستاذ حسن لا يعرف الفرق بين الداوودية والسليمانية فما وصلتُ إليه بعد بحث هو :
1) في الزعامة : حيث يتبع الدود زعامة برهان الدين في الهند ويتبع السليمانية زعامة الهمداني في نجران ، وهذا الفرق قد أشار إليه الأخ حسن زيد نفسه .
2) المكارمة السليمانية لم يعرف عنهم القيام بالطقوس الشركية علناً أمام الأضرحة ، و السجود للإمام كما يفعله الدود ، و يشعرون بالضيق والحرج الكبيرين من المجتمع الذي يسخط لتلك الشركيات ولا يعرف سوى المكارمة مع أنهم بريئون من ذلك ، ولذلك فالقطيعة بين المكارمة والدود شبه قائمة ، واللعن بينهم متبادل ، وباستثناء هذه فالجميع يشربون من منبع واحد وعقيدة مشتركة ولا فرق بين الطائفتين ، وهذا ما أشار إليه الأستاذ علوي الجبل في ( الشيعة الإسماعيلية ) (72) فهو فرق ثان ، أما في التأويل فالفرقتان متفقتان . وهما فرقان لا يُغيِّران كثيراً من الحكم على الطائفتين بمباينة عقيدة المسلمين .
3) وسُميت الداوودية نسبة إلى داود ابن قطب شاه (ت 1021) والسليمانية نسبة إلى رجل يدعى سليمان وقد وقع الإنقسام بعد وفاة داود برهان الدين بن عجب بن شاه عام (999) وقد كانوا قبل ذلك شيئاً واحداً كما في مقدمة المحامي الغراوي على سمط الحقائق لداعي الدعاة علي بن حنظلة الوادعي (ت 626) ص8 .
ومع أني أكفر من كفره الله ورسوله فإني أحذر من تكفير المسلمين بدون حق ، ويرحم الله الشوكاني فقد قال كما في السيل الجرار :
" أقول اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار ، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية عن طريق جماعة من الصحابة أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما . هكذا في الصحيح وفي لفظ آخر في الصحيحين وغيرهما : ( من دعا رجلاً بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه أي رجع ) وفي لفظ في الصحيح ( فقد كفر أحدهما ) ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير وقد قال الله عز وجل (( ولكن من شرح بالكفر صدراً )) فلا بد من شرح الصدر بالكفر وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه ، فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشر لا سيما مع الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام ([21])
وهذا الذي قاله الشوكاني ـ رحمه الله ـ هو ما نعتقده في حق المسلم الذي ثبت إسلامه بيقين مسلم ، ولا يخرج منه إلا بيقين " فاليقين لا يزول بالشك" . ومن ثبت له عدم الإسلام فلا يُحكم له به ، وأما من و قع في ناقض من نواقض الإيمان فإنه يحكم عليه بالردة أعاذنا الله منها .
ولكن بشروط ، ومنها : العلم وعدم الإكراه وعدم وجود شبه من تأويل وغيره ، وعدم الوقوع فيه خطأ .
مسألة الردة :
ومسألة الردة بأقسامها القولية والفعلية و الاعتقادية مزبورة في الكتب العقدية والفقهية على مستوى جميع المذاهب الأربعة والظاهرية وأهل الحديث والزيدية ومن ذلك السجود لغير الله وقد جاء هذا السجود موضحاً في كتب الإسماعيلية والرافضة مقراً مع تأويلات بعيدة لتجويزه ، لكن علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم ذكروه في صور الردة عن الإسلام إلا المكره . وذكروا للردة صور اً متعددة ومنها إنكار واجب بالإجماع كالصلاة واستحلال محرم قطعي التحريم كالزنا ، وسوف أذكر بعض الصور وعلى القارئ المقارنة بينها وبين ما يذكره الباطنية في تأويلاتهم .
وللردة صور منها:
1) الردة بالقول : كسب الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو ملائكته أو أحد من رسله ، أو ادعاء علم الغيب أو ادعاء النبوة أو تصديق من يدعيها ، أو دعاء غير الله أو الاستعانة به فيما لا يقدر عليه إلا الله أو الاستعاذة به في ذلك .
2) الردة بالفعل : كالسجود للصنم والحجر والشجر والقبور والذبح لها ، وإلقاء المصحف في المواطن القذرة وعمل السحر وتعلمه وتعليمه ، والحكم بغير ما أنزل الله معتقداً حله .
3) الردة بالاعتقاد : كاعتقاد الشريك لله ، أو أن الزنا والخمر الربا حلال ، أو أن الخبز حرام أو أن الصلاة غير واجبة ونحو ذلك مما أجمع على حله أو حرمته أو وجوبه إجماعاً قطعياً ومثله لا يجهله .
4) الردة بالشك في شئ مما سبق ، كمن شك في تحريم الشرك أو تحريم الزنا والخمر ، أو في حل الخبز أو شك في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم أو رسالة غيره من الأنبياء أو في صدقه أو في دين الإسلام أو في صلاحيته لهذا الزمان ([22]) .
وقد قال المهدي في متن الأزهار وهو المعتمد عند الزيدية : " والردة باعتقاد أو فعل أو زي أو لفظ كفري وإن لم يعتقد معناه إلا حاكياً أو مكرهاً ومنها السجود لغير الله وبها تبين الزوجة وإن تاب ، ولكن ترثه إن مات أو لحق في العدة وباللحوق تعتق أم ولده " .
ويقول العلامة أبو الحسن عبد الله بن مفتاح في شرح الأزهار : ( أو أن المعاد المذكور في القرآن والكتب المنزلة المراد به الروحاني دون الجسماني ( كما تزعم الباطنية وبعض الفلاسفة) أو أن المراد بالتعذيب نقل الأرواح إلى هياكل تتعذب فيها بالأسقام من دون أن يكون هناك محشر وجنة ونار أو أن المراد بالقيامة قيام الإمام و لا قيامة سوى ذلك بل هذا العالم باقٍ أبداً أو نحو ذلك .)
ويقول : ( أو اتخاذ زي يختص به الكفار دون المسلمين كالزنار إذا لبسه معتقداً وجوب لبسه فيكفر بالإجماع ، أما لو لبسه على وجه السخرية والمجانة من دون اعتقاد قال في شرح الإبانة فإنه لا يكفر عند السادة والفقهاء ولكن يؤدب) .
ويقول : ( ومنها : أي ومن الردة عن الإسلام فعل السجود لغير الله تعالى من ملك أو صنم أو نحو ذلك لقصد تعظيم المسجود له لا على وجه الإكراه أو السخرية والاستهزاء ففيه الخلاف المتقدم ) [ شرح الأزهار ( شرح العلامة أبي الحسن عبدالله بن مفتاح ) المجلد الرابع ص(575-577) . وهو عمدة المذهب الزيدي سلف الأستاذ حسن زيد ، وأصحاب صحيفة الأمة .
وفي الروضة للنووي في الفقه الشافعي في الردة أنها ( قطع الإسلام كالسجود للصنم أو للشمس أو إلقاء المصحف في القاذورات و السحر ([23]) ، وبعض هذه الصور من الردة وقعت به الباطنية .
(هـ) مع الباطنية في التأويل :
الناظر في كتاب ( تأويل دعائم الإسلام للنعمان ) يرى تأويلات للشريعة وأحكامها ويرى أن في الكتاب تأويلاً لقصص الأنبياء التي و ردت في الكتب السماوية الثلاثة : التوراة والإنجيل والقرآن ، فكل هذه كان يشكل موضوعاً ، تقضي العقيدة بالمحافظة على أسراره التامة ، مما يخرج عن نطاق المفهوم العام لدى طبقات العامة الذين اعتبروا بأنهم لم ينالوا من الثقافة إلا قشورها ومن العلوم إلا ظواهرها ([24]) .
من المسلم به أن التأويل من العلوم التي خص بها الإسماعيليون أئمتهم وسموا لأجله بالباطنية فقد جعلوا محمداً هو صاحب التنزيل للقرآن كما قلنا ، وجعلوا علياً صاحب التأويل أي أن القرآن أنزل على محمد بلفظه ومعناه الظاهر للناس ، أما أسراره التأويلية الباطنية فقد خص بها علياً والأئمة من بعده ، وقد أخذ الإسماعيليون بعض آيات القرآن الكريم دليلاً على القول في وجوب التأويل كقوله : (( وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث )) وكقوله : (( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث )) وكقوله : (( سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً)) ([25]) .
لهذه الأسباب نرى أن كتابي ( أساس التأويل ) و( دعائم الإسلام ) وكلاهما من وضع ( النعمان بن حيون ) يمثلان فكرتين واتجاهين مرتبطين تمام الارتباط ببعضهما البعض ، وأعني بهما الباطن والظاهر ، فالأول اعتبر أساساً للفلسفة الباطنية والثاني أساساً للفقه والشريعة ) ([26]) .
أمثلة من التأويل :
قوله تعالى في قصة نوح عليه السلام (( ففتحنا أبواب السماء بماءٍ منهمر وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر )) باطنه انفتاح أبواب الناطق ، أي الذين أقامهم للظاهر بعلم الظاهر . وقوله : ( وفجرنا الأرض عيوناً ً) أي تفجير العلم من حدود الباطن يعني النقباء الإثني عشر الذين نصبهم أساسه لعلم الباطن في كل جزيرة نقيب لاحق به ، ومثل ذلك قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام (( فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناسٍ مشربهم )) ، وقوله تعالى ( فالتقى الماء على أمر قد قدر ) أي علم الظاهر وعلم الباطن كل واحد منهما مقدر على الأمر الذي جعل له لا يتعداه إلى غيره ، فالتقليدي للرسول والبيان للأساس ، وكذلك يصير بعد الرسول التقليدي للإمام ، والبيان للحجة ، على ما قدمنا ذكره من تقدير الله عز وجل وذلك على ما قدره ورتبه وجرت به حكمته في عباده ([27]) .
وقوله تعالى ( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهدٌ من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين ) تأويل ذلك : قل أرأيتم يا أصحاب محمد وحججه إن كان نصب هذا الوصي من عند الله بأمره وكفرتم به يعني سترتم منزلته التي اجتباها الله له واختارها ، وقد شهد موسى على مثله فأمر بني إسرائيل فأقروا بمن استخلفه عليهم ثم تداخلهم الحسد فاتخذوا عجلاً جسداً له خوار ، والخوار ما لا حقيقة له ولا يثبت في العقول ، ولما غاب رسول الله ستروا مرتبة أساسه صلوات الله عليه وكتموا نص الرسول وبيعته التي بايعوه بغدير خم واتبعوا إبليس وقابيل والسامري حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة وجلسوا مجلسه وتسموا باسمه وادعوا منزلته من الخلافة وإمرة المؤمنين ، وتعلقوا بالظاهر وحرفوه فأقام الأساس صلوات الله عليه عليهم الحجة بالقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم لما جمعه وجاءهم به فقالوا حسبنا ما معنا من كتاب الله ولا حاجة لنا إلى ما معك منه ، فأخذه وانصرف عنهم ولم يجد به ناصراً ولا معيناً واشتدت عليه المحنة وكثر أذاهم له حتى هموا بقتله في صلاته لأن الضد الأول أمر خالد بن الوليد إذا صلى عليه السلام معهم في الصف الأول وقال له إذا سلمتَ فاضرب علياً وهو في الصلاة في تسبيحه فاقتله ([28])وهذه الأمثلة قليلة من الكتاب وهو مجلدان .
وفي ( تأويل الدعائم ) وهو كله تحريف ، وفيه طامات من التحريف ، بل كل الكتاب تأويلات حتى قصص الأنبياء السابقين ، ناهيك عن مسخ شريعة خاتم المرسلين . [ يراجع الكتاب بتحقيق محمد حسن الأعظمى وخاصة ج2 ، ص 57-60 و 107- 111 و 124- 129 ] .
وبهذا يتضح للأخ حسن أن كتاب (دعائم الإسلام) الذي الخلاف فيه سهل مع أهل السنة وغيرهم منسوخ ومؤوَّل بالكتب الأخرى . فقد أول شريعة الإسلام وآيات الله وصرفها عن معناها القاضي النعمان في كتاب ( تأويل الدعائم ) ، و له في المجالس و المسايرات مع الأئمة الفاطميين طامات في تكفيرهم من خالفهم وفي الغلو بالمنصور والمعز وغيرهما من الفاطميين .
وهذا يكشف للأخ حسن باطنية الإسماعيلية و أن هذه المؤلفات التي لا تأويل فيها ككتاب ( دعائم الإسلام) إنما هي لإسكات أهل السنة وأما التأويل فهو حقيقة دين الباطنية ، وبهذا لا حجة للأخ حسن بكتاب الدعائم الذي احتج به وله النظر في كتب النعمان وغيره .
(و) تأويل جعفر بن منصور اليمن في كتاب ( الكشف ) :
وهاك تحريفات مهيلة لمن هو حكيم الباطنية كما يقولون وهو جعفر بن منصور اليمن ، واسمع من تحريفاته للقرآن هذه الأمثلة مع تعليقات بعض محققي الباطنية للكتاب :
[ ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ) أراد به الشيعة المقصرة عن معرفة الحق أنهم يقولون ( آمنا بالله وباليوم الآخر ) واليوم الآخر المهدي صاحب الزمان صلوات الله عليه ([29]) فأظهر الله عز وجل ما أسروا من قولهم ، وقال ( وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا ) فالذين ءامنوا هم العارفون بهذه الشريعة .
وقوله جل وعلا : ( وإذا قيل لهم ءامنوا كما ءامن الناس قالوا أنؤمن كما ءامن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون )) أراد به الأول من الظلمة([30])والثاني([31]) ومن ءامن بهما واتبعهما ، والناس العارفون المقرون بأهل الحق ، فأنزل الله على نبيه لأجل معرفة ذلك وقال : ( ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ) أراد به أتباع الفراعنة ([32]).
وقوله عز وجل ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك ) الإنسان الناسي ما عوهد به من وليه ، هو المغرور بربه الكريم على الله وهو أمير المؤمنين .
وقوله جل وعلا ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) قال : كأني أنظر قائم الحق ([33]) وقد انشق أمر النطقاء وظهر بعالمه فيزهر به الأفق ، وهناك يكون الهاطعة ([34]) على أهل الاتحاد ، وهو العذاب الواقع الذي ما له من دافع ، وباطن قوله ( والطور وكتاب مسطور في رقٍ منشور ، والبيت المعمور ، والسقف المرفوع ، والبحر المسجور إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع ) الطور الناطق والكتاب المسطور : العلم ، والرق المنشور : الحجة صلوات الله عليه ([35]) والبيت المعمور : الذرية([36]) والسقف المرفوع : العالي ، والبحر المسجور : الباب ، والعذاب الواقع : هو القائم الذي ما له من دافع .
ومعرفة باطن قوله (وعادٍ وثمود وقوم إبراهيم وقوم نوح ) الأول منهم([37])، الثاني منهم ([38]) ، الثالث منهم ([39]) ، الرابع منهم ([40])وأصحاب مدين ([41])وأصحاب الرس ([42]) .
والكور الثاني فرعون وهامان وقارون ، الأول ، الثاني ، الثالث ، ( أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ) وكذا في كل قرن ، ألا ترى إلى قوله : ( فأمليتُ للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان نكير ) وقال الله عز وجل: ( والتين والزيتون ) قال : الحسن والحسين . ( وطور سينين ) محمد عليه السلام سيد المرسلين ( وهذا البلد الأمين ) يعني أمير المؤمنين علياً .
وقوله ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) يعني الأول لأنه كان أحسن معرفة من الثاني ( ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ) بعمل أهل الطاعة للإمام الذين أطاعوه وهم محمد بن أبي بكر ، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص .. ومن لحقهم من الصالحين من أولادهم .
وقال الله عز وجل ( والفجر ) قال الحكيم عليه السلام : الفجر محمد صلى الله عليه وسلم ، ( وليالٍ عشر ) يريد أمير المؤمنين عليه السلام ( والشفع والوتر ) يريد الحسن والحسين ، ( والليل إذا يسر ) يريد فاطمة الزهراء عليها السلام .
وقال الحكيم عليه السلام في قول الله عز وجل ( وإن أدري أقريبٌ ما توعدون أم يجعل له ربي أمداً) أراد به قيام القائم صلوات الله عليه بالسيف ((و إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ) هذه الآية فيمن خالف أمير المؤمنين صلوات الله عليه من غدر به وما كانوا اجتمعوا عليه من العداوة ولمن أقامه مقامه من الله ([43]) .
وقوله : ( اتبعني أهدك صراطاً سوياً ) قال : الصراط السوي أمير المؤمنين عليه السلام ، ألا ترى قول الله عز وجل : ( فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ) الذي لا عوج له ، ولا شك في استقامته ( ومثال هذه القصة من إبراهيم صلى الله عليه في هذه الأم قصة محمد بن أبي بكر ([44]) فإنه كان يعظ أباه ويأمره باتباع علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، ويقول له إنه الوصي وباب النجاة ، وصاحب الحق ، ومترجم القرآن ، ومبلغ التأويل ، والثاني (أي عمر) صار ينهاه عن اتباع ابنه محمد ويصده بظلمه وكبره وطغيانه وسحره ووسواسه عن اتباع أمير المؤمنين صلوات الله عليه والاعتراف بمقامه ، فيقول له محمد بن أبي بكر كما قال الله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام ( يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً ) الشيطان الثاني منهم (يقصد عمر)
فقال محمد بن أبي بكر لأبيه : يا أبت لا تتبع الشيطان ( يقصد به عمر حاشاه) على قوله ، فإن ذلك معصية لله ورسوله ، وقد أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يشِر به إلا بأمر الله ، فلما لم يطعه وأطاع شيطانه تبرأ منه عند أمير المؤمنين بحقيقة الحقائق .
( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) فهم الرفث والفسوق والجدال الذي نهى الله جل وعلا أولياءه عنهم وعن قولهم ، وأمرهم بالبراءة منهم ، وأن يتبعوا الآيات المحكمات التي هن أم الكتاب والكتاب فهو القائم عليه السلام . وإنما أراد بأم الكتاب أنهم يدعون إلى معرفة معنى أم الكتاب ، ولا يعصون قوله ويتولون عند نهيه وأمره أنبياء الله وسله والأئمة والدعاة في جميع الأعصار صلوات الله عليهم ] إلى هنا انتهى كلام الخبيث جعفر بن منصور .
تنبيه :
أثبتُّ تعليق أحد الإسماعيليين المعاصرين على الحاشية ليفسر للقارئ ما أراده جعفر بذلك التحريف .
(ز) الأستاذ حسن زيد .. يخالف أسلافه من الزيدية في الحكم على الإسماعيلية :
وأما عدم أخذ الأستاذ حسن بحكم أسلافه من أئمة الزيدية في الحكم على الإسماعيلية بعدم الدخول في الإسلام أو بمروقهم منه والزيدية موافقون لعلماء السنة فهو أمر غريب
ومع ذلك فأقل ما في الأمر أن يعذرنا إذا أخذنا بحكم أسلافنا وأسلافه وتركنا رأيه فإننا نمشي مع القوم الذين حكموا عليهم استناداً إلى ما كتبوا عن أنفسهم وكتب عنهم غيرهم من خلال المشاهدة ، ومع ذلك فسأكون مقتنعاً أن أخي الأستاذ عالم زيدي ظاهره كباطنه إن شاء الله لا يقول هذا إلا عن عقيدة لا عن تقية فالتقية لا تجوز إلا للضرورة عند الجميع ولا ضرورة هنا ، وأطلب من نفسي أولاً ومنه ثانياً إعادة النظر فيما كتب عنهم ، والتعرف أكثر وأكثر على تاريخ القوم و استحضار مسألة التقية والجمع بين الكتب التي تأصل و التي تعطل وتؤول وأن النتيجة الأخيرة من الشريعة التحلل مع استحضار خلاصة المذهب المذكورة في الأبيات المنسوبة لعلي بن الفضل ، وفي أقل الأحوال أن يعرف أن معي إجماعاً من علماء الأمة أو الجمهور في هذا الحكم عليهم بما فيهم أئمة الزيدية من آل البيت وغيرهم . ومذهب ابن الفضل هو مذهبهم عقدياً ، والخلاف بين الفرقتين كان إدارياً وتنظيمياً لا منهجياً ، حيث إن ابن الفضل خرج على الدولة الفاطمية ولهذا يلعنونه لا لفساد معتقده .
وأما أنه لا يقلق ولو تحول أهل اليمن كلهم إلى المذهب الإسماعيلي إذا سمحوا لغيرهم بالبقاء على مذاهبهم فهذا سخاء حاتمي بالشعب اليمني وتقديم عشرين مليوناً من المسلمين ليدخلوا في دين التحريف و التأويل بثمن بخس ألا وهو ترك حرية مذاهب الآخرين . وإذا سمحوا للأستاذ حسن .. بأن يؤذن بـ (حيا على خير العمل ) ، ويرسل يديه في الصلاة .. فليُحوِّلوا عشرين مليوناً يمنيَّاً أو إلى الهاوية فهذا لا يهم الكريم بن الكريم بن الكريم .
يا أيها الشيخ كيف ترضى للأمة دخول مذهب أجمع المسلمون على بطلانه بغض النظر عن كفر معتنقيه أو في أقل الأحوال اختلف المسلمون في كفر معتنقيه و الخلاف متأخر بسبب خداع الباطنية و تقيتهم أو بسبب المصالح والمزايدات السياسية والتحالفات الحزبية و عند البعض لأجل دراهم معدودة أو قطع من عودة وبخور الهند حسب تعبير الدكتور المحطوري .أو بسبب جهلة الكتاب في الصحف الذين يهرفون بما لا يعرفون ، أو بسبب الخوف من الغرب المدافع عن الفرق الباطنية .
ثم إن التحرر الكامل من كلام علماء المسلمين و ادعاء الاجتهاد و عدم الأخذ بمذهب أئمة الأمة من سنة و زيدية في هذه المسألة سيكون نسخاً لكل ما في من المؤلفات السابقة .
وهو وقوع إما في الإفراط أو التفريط بين أدعياء الإجتهاد بدون شروط و ضوابط ودعاة التقليد وجوباً حتى في حق من توفرت فيه شروط الإجتهاد ، والدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
فكيف نرضى بالسجود للإمام كما هو مذهب الإسماعيلية و التعلق بالقبور والتأويل الفاسد للقرآن مقابل حرية دينية ينالها المحكومون بحكم القرامطة ، وعلى كل يرحم الله الإمام مالك بن أنس الذي قال( كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فهذا مما نرده على أخينا الأستاذ حسن .
تحريف وليس فلسفة العبادة باعتراف الإسماعيلية" أقول اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار ، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية عن طريق جماعة من الصحابة أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما . هكذا في الصحيح وفي لفظ آخر في الصحيحين وغيرهما : ( من دعا رجلاً بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه أي رجع ) وفي لفظ في الصحيح ( فقد كفر أحدهما ) ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير وقد قال الله عز وجل (( ولكن من شرح بالكفر صدراً )) فلا بد من شرح الصدر بالكفر وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه ، فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشر لا سيما مع الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام ([21])
وهذا الذي قاله الشوكاني ـ رحمه الله ـ هو ما نعتقده في حق المسلم الذي ثبت إسلامه بيقين مسلم ، ولا يخرج منه إلا بيقين " فاليقين لا يزول بالشك" . ومن ثبت له عدم الإسلام فلا يُحكم له به ، وأما من و قع في ناقض من نواقض الإيمان فإنه يحكم عليه بالردة أعاذنا الله منها .
ولكن بشروط ، ومنها : العلم وعدم الإكراه وعدم وجود شبه من تأويل وغيره ، وعدم الوقوع فيه خطأ .
مسألة الردة :
ومسألة الردة بأقسامها القولية والفعلية و الاعتقادية مزبورة في الكتب العقدية والفقهية على مستوى جميع المذاهب الأربعة والظاهرية وأهل الحديث والزيدية ومن ذلك السجود لغير الله وقد جاء هذا السجود موضحاً في كتب الإسماعيلية والرافضة مقراً مع تأويلات بعيدة لتجويزه ، لكن علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم ذكروه في صور الردة عن الإسلام إلا المكره . وذكروا للردة صور اً متعددة ومنها إنكار واجب بالإجماع كالصلاة واستحلال محرم قطعي التحريم كالزنا ، وسوف أذكر بعض الصور وعلى القارئ المقارنة بينها وبين ما يذكره الباطنية في تأويلاتهم .
وللردة صور منها:
1) الردة بالقول : كسب الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو ملائكته أو أحد من رسله ، أو ادعاء علم الغيب أو ادعاء النبوة أو تصديق من يدعيها ، أو دعاء غير الله أو الاستعانة به فيما لا يقدر عليه إلا الله أو الاستعاذة به في ذلك .
2) الردة بالفعل : كالسجود للصنم والحجر والشجر والقبور والذبح لها ، وإلقاء المصحف في المواطن القذرة وعمل السحر وتعلمه وتعليمه ، والحكم بغير ما أنزل الله معتقداً حله .
3) الردة بالاعتقاد : كاعتقاد الشريك لله ، أو أن الزنا والخمر الربا حلال ، أو أن الخبز حرام أو أن الصلاة غير واجبة ونحو ذلك مما أجمع على حله أو حرمته أو وجوبه إجماعاً قطعياً ومثله لا يجهله .
4) الردة بالشك في شئ مما سبق ، كمن شك في تحريم الشرك أو تحريم الزنا والخمر ، أو في حل الخبز أو شك في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم أو رسالة غيره من الأنبياء أو في صدقه أو في دين الإسلام أو في صلاحيته لهذا الزمان ([22]) .
وقد قال المهدي في متن الأزهار وهو المعتمد عند الزيدية : " والردة باعتقاد أو فعل أو زي أو لفظ كفري وإن لم يعتقد معناه إلا حاكياً أو مكرهاً ومنها السجود لغير الله وبها تبين الزوجة وإن تاب ، ولكن ترثه إن مات أو لحق في العدة وباللحوق تعتق أم ولده " .
ويقول العلامة أبو الحسن عبد الله بن مفتاح في شرح الأزهار : ( أو أن المعاد المذكور في القرآن والكتب المنزلة المراد به الروحاني دون الجسماني ( كما تزعم الباطنية وبعض الفلاسفة) أو أن المراد بالتعذيب نقل الأرواح إلى هياكل تتعذب فيها بالأسقام من دون أن يكون هناك محشر وجنة ونار أو أن المراد بالقيامة قيام الإمام و لا قيامة سوى ذلك بل هذا العالم باقٍ أبداً أو نحو ذلك .)
ويقول : ( أو اتخاذ زي يختص به الكفار دون المسلمين كالزنار إذا لبسه معتقداً وجوب لبسه فيكفر بالإجماع ، أما لو لبسه على وجه السخرية والمجانة من دون اعتقاد قال في شرح الإبانة فإنه لا يكفر عند السادة والفقهاء ولكن يؤدب) .
ويقول : ( ومنها : أي ومن الردة عن الإسلام فعل السجود لغير الله تعالى من ملك أو صنم أو نحو ذلك لقصد تعظيم المسجود له لا على وجه الإكراه أو السخرية والاستهزاء ففيه الخلاف المتقدم ) [ شرح الأزهار ( شرح العلامة أبي الحسن عبدالله بن مفتاح ) المجلد الرابع ص(575-577) . وهو عمدة المذهب الزيدي سلف الأستاذ حسن زيد ، وأصحاب صحيفة الأمة .
وفي الروضة للنووي في الفقه الشافعي في الردة أنها ( قطع الإسلام كالسجود للصنم أو للشمس أو إلقاء المصحف في القاذورات و السحر ([23]) ، وبعض هذه الصور من الردة وقعت به الباطنية .
(هـ) مع الباطنية في التأويل :
الناظر في كتاب ( تأويل دعائم الإسلام للنعمان ) يرى تأويلات للشريعة وأحكامها ويرى أن في الكتاب تأويلاً لقصص الأنبياء التي و ردت في الكتب السماوية الثلاثة : التوراة والإنجيل والقرآن ، فكل هذه كان يشكل موضوعاً ، تقضي العقيدة بالمحافظة على أسراره التامة ، مما يخرج عن نطاق المفهوم العام لدى طبقات العامة الذين اعتبروا بأنهم لم ينالوا من الثقافة إلا قشورها ومن العلوم إلا ظواهرها ([24]) .
من المسلم به أن التأويل من العلوم التي خص بها الإسماعيليون أئمتهم وسموا لأجله بالباطنية فقد جعلوا محمداً هو صاحب التنزيل للقرآن كما قلنا ، وجعلوا علياً صاحب التأويل أي أن القرآن أنزل على محمد بلفظه ومعناه الظاهر للناس ، أما أسراره التأويلية الباطنية فقد خص بها علياً والأئمة من بعده ، وقد أخذ الإسماعيليون بعض آيات القرآن الكريم دليلاً على القول في وجوب التأويل كقوله : (( وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث )) وكقوله : (( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث )) وكقوله : (( سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً)) ([25]) .
لهذه الأسباب نرى أن كتابي ( أساس التأويل ) و( دعائم الإسلام ) وكلاهما من وضع ( النعمان بن حيون ) يمثلان فكرتين واتجاهين مرتبطين تمام الارتباط ببعضهما البعض ، وأعني بهما الباطن والظاهر ، فالأول اعتبر أساساً للفلسفة الباطنية والثاني أساساً للفقه والشريعة ) ([26]) .
أمثلة من التأويل :
قوله تعالى في قصة نوح عليه السلام (( ففتحنا أبواب السماء بماءٍ منهمر وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر )) باطنه انفتاح أبواب الناطق ، أي الذين أقامهم للظاهر بعلم الظاهر . وقوله : ( وفجرنا الأرض عيوناً ً) أي تفجير العلم من حدود الباطن يعني النقباء الإثني عشر الذين نصبهم أساسه لعلم الباطن في كل جزيرة نقيب لاحق به ، ومثل ذلك قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام (( فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناسٍ مشربهم )) ، وقوله تعالى ( فالتقى الماء على أمر قد قدر ) أي علم الظاهر وعلم الباطن كل واحد منهما مقدر على الأمر الذي جعل له لا يتعداه إلى غيره ، فالتقليدي للرسول والبيان للأساس ، وكذلك يصير بعد الرسول التقليدي للإمام ، والبيان للحجة ، على ما قدمنا ذكره من تقدير الله عز وجل وذلك على ما قدره ورتبه وجرت به حكمته في عباده ([27]) .
وقوله تعالى ( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهدٌ من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين ) تأويل ذلك : قل أرأيتم يا أصحاب محمد وحججه إن كان نصب هذا الوصي من عند الله بأمره وكفرتم به يعني سترتم منزلته التي اجتباها الله له واختارها ، وقد شهد موسى على مثله فأمر بني إسرائيل فأقروا بمن استخلفه عليهم ثم تداخلهم الحسد فاتخذوا عجلاً جسداً له خوار ، والخوار ما لا حقيقة له ولا يثبت في العقول ، ولما غاب رسول الله ستروا مرتبة أساسه صلوات الله عليه وكتموا نص الرسول وبيعته التي بايعوه بغدير خم واتبعوا إبليس وقابيل والسامري حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة وجلسوا مجلسه وتسموا باسمه وادعوا منزلته من الخلافة وإمرة المؤمنين ، وتعلقوا بالظاهر وحرفوه فأقام الأساس صلوات الله عليه عليهم الحجة بالقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم لما جمعه وجاءهم به فقالوا حسبنا ما معنا من كتاب الله ولا حاجة لنا إلى ما معك منه ، فأخذه وانصرف عنهم ولم يجد به ناصراً ولا معيناً واشتدت عليه المحنة وكثر أذاهم له حتى هموا بقتله في صلاته لأن الضد الأول أمر خالد بن الوليد إذا صلى عليه السلام معهم في الصف الأول وقال له إذا سلمتَ فاضرب علياً وهو في الصلاة في تسبيحه فاقتله ([28])وهذه الأمثلة قليلة من الكتاب وهو مجلدان .
وفي ( تأويل الدعائم ) وهو كله تحريف ، وفيه طامات من التحريف ، بل كل الكتاب تأويلات حتى قصص الأنبياء السابقين ، ناهيك عن مسخ شريعة خاتم المرسلين . [ يراجع الكتاب بتحقيق محمد حسن الأعظمى وخاصة ج2 ، ص 57-60 و 107- 111 و 124- 129 ] .
وبهذا يتضح للأخ حسن أن كتاب (دعائم الإسلام) الذي الخلاف فيه سهل مع أهل السنة وغيرهم منسوخ ومؤوَّل بالكتب الأخرى . فقد أول شريعة الإسلام وآيات الله وصرفها عن معناها القاضي النعمان في كتاب ( تأويل الدعائم ) ، و له في المجالس و المسايرات مع الأئمة الفاطميين طامات في تكفيرهم من خالفهم وفي الغلو بالمنصور والمعز وغيرهما من الفاطميين .
وهذا يكشف للأخ حسن باطنية الإسماعيلية و أن هذه المؤلفات التي لا تأويل فيها ككتاب ( دعائم الإسلام) إنما هي لإسكات أهل السنة وأما التأويل فهو حقيقة دين الباطنية ، وبهذا لا حجة للأخ حسن بكتاب الدعائم الذي احتج به وله النظر في كتب النعمان وغيره .
(و) تأويل جعفر بن منصور اليمن في كتاب ( الكشف ) :
وهاك تحريفات مهيلة لمن هو حكيم الباطنية كما يقولون وهو جعفر بن منصور اليمن ، واسمع من تحريفاته للقرآن هذه الأمثلة مع تعليقات بعض محققي الباطنية للكتاب :
[ ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ) أراد به الشيعة المقصرة عن معرفة الحق أنهم يقولون ( آمنا بالله وباليوم الآخر ) واليوم الآخر المهدي صاحب الزمان صلوات الله عليه ([29]) فأظهر الله عز وجل ما أسروا من قولهم ، وقال ( وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا ) فالذين ءامنوا هم العارفون بهذه الشريعة .
وقوله جل وعلا : ( وإذا قيل لهم ءامنوا كما ءامن الناس قالوا أنؤمن كما ءامن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون )) أراد به الأول من الظلمة([30])والثاني([31]) ومن ءامن بهما واتبعهما ، والناس العارفون المقرون بأهل الحق ، فأنزل الله على نبيه لأجل معرفة ذلك وقال : ( ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ) أراد به أتباع الفراعنة ([32]).
وقوله عز وجل ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك ) الإنسان الناسي ما عوهد به من وليه ، هو المغرور بربه الكريم على الله وهو أمير المؤمنين .
وقوله جل وعلا ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) قال : كأني أنظر قائم الحق ([33]) وقد انشق أمر النطقاء وظهر بعالمه فيزهر به الأفق ، وهناك يكون الهاطعة ([34]) على أهل الاتحاد ، وهو العذاب الواقع الذي ما له من دافع ، وباطن قوله ( والطور وكتاب مسطور في رقٍ منشور ، والبيت المعمور ، والسقف المرفوع ، والبحر المسجور إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع ) الطور الناطق والكتاب المسطور : العلم ، والرق المنشور : الحجة صلوات الله عليه ([35]) والبيت المعمور : الذرية([36]) والسقف المرفوع : العالي ، والبحر المسجور : الباب ، والعذاب الواقع : هو القائم الذي ما له من دافع .
ومعرفة باطن قوله (وعادٍ وثمود وقوم إبراهيم وقوم نوح ) الأول منهم([37])، الثاني منهم ([38]) ، الثالث منهم ([39]) ، الرابع منهم ([40])وأصحاب مدين ([41])وأصحاب الرس ([42]) .
والكور الثاني فرعون وهامان وقارون ، الأول ، الثاني ، الثالث ، ( أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ) وكذا في كل قرن ، ألا ترى إلى قوله : ( فأمليتُ للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان نكير ) وقال الله عز وجل: ( والتين والزيتون ) قال : الحسن والحسين . ( وطور سينين ) محمد عليه السلام سيد المرسلين ( وهذا البلد الأمين ) يعني أمير المؤمنين علياً .
وقوله ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) يعني الأول لأنه كان أحسن معرفة من الثاني ( ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ) بعمل أهل الطاعة للإمام الذين أطاعوه وهم محمد بن أبي بكر ، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص .. ومن لحقهم من الصالحين من أولادهم .
وقال الله عز وجل ( والفجر ) قال الحكيم عليه السلام : الفجر محمد صلى الله عليه وسلم ، ( وليالٍ عشر ) يريد أمير المؤمنين عليه السلام ( والشفع والوتر ) يريد الحسن والحسين ، ( والليل إذا يسر ) يريد فاطمة الزهراء عليها السلام .
وقال الحكيم عليه السلام في قول الله عز وجل ( وإن أدري أقريبٌ ما توعدون أم يجعل له ربي أمداً) أراد به قيام القائم صلوات الله عليه بالسيف ((و إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ) هذه الآية فيمن خالف أمير المؤمنين صلوات الله عليه من غدر به وما كانوا اجتمعوا عليه من العداوة ولمن أقامه مقامه من الله ([43]) .
وقوله : ( اتبعني أهدك صراطاً سوياً ) قال : الصراط السوي أمير المؤمنين عليه السلام ، ألا ترى قول الله عز وجل : ( فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ) الذي لا عوج له ، ولا شك في استقامته ( ومثال هذه القصة من إبراهيم صلى الله عليه في هذه الأم قصة محمد بن أبي بكر ([44]) فإنه كان يعظ أباه ويأمره باتباع علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، ويقول له إنه الوصي وباب النجاة ، وصاحب الحق ، ومترجم القرآن ، ومبلغ التأويل ، والثاني (أي عمر) صار ينهاه عن اتباع ابنه محمد ويصده بظلمه وكبره وطغيانه وسحره ووسواسه عن اتباع أمير المؤمنين صلوات الله عليه والاعتراف بمقامه ، فيقول له محمد بن أبي بكر كما قال الله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام ( يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً ) الشيطان الثاني منهم (يقصد عمر)
فقال محمد بن أبي بكر لأبيه : يا أبت لا تتبع الشيطان ( يقصد به عمر حاشاه) على قوله ، فإن ذلك معصية لله ورسوله ، وقد أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يشِر به إلا بأمر الله ، فلما لم يطعه وأطاع شيطانه تبرأ منه عند أمير المؤمنين بحقيقة الحقائق .
( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) فهم الرفث والفسوق والجدال الذي نهى الله جل وعلا أولياءه عنهم وعن قولهم ، وأمرهم بالبراءة منهم ، وأن يتبعوا الآيات المحكمات التي هن أم الكتاب والكتاب فهو القائم عليه السلام . وإنما أراد بأم الكتاب أنهم يدعون إلى معرفة معنى أم الكتاب ، ولا يعصون قوله ويتولون عند نهيه وأمره أنبياء الله وسله والأئمة والدعاة في جميع الأعصار صلوات الله عليهم ] إلى هنا انتهى كلام الخبيث جعفر بن منصور .
تنبيه :
أثبتُّ تعليق أحد الإسماعيليين المعاصرين على الحاشية ليفسر للقارئ ما أراده جعفر بذلك التحريف .
(ز) الأستاذ حسن زيد .. يخالف أسلافه من الزيدية في الحكم على الإسماعيلية :
وأما عدم أخذ الأستاذ حسن بحكم أسلافه من أئمة الزيدية في الحكم على الإسماعيلية بعدم الدخول في الإسلام أو بمروقهم منه والزيدية موافقون لعلماء السنة فهو أمر غريب
ومع ذلك فأقل ما في الأمر أن يعذرنا إذا أخذنا بحكم أسلافنا وأسلافه وتركنا رأيه فإننا نمشي مع القوم الذين حكموا عليهم استناداً إلى ما كتبوا عن أنفسهم وكتب عنهم غيرهم من خلال المشاهدة ، ومع ذلك فسأكون مقتنعاً أن أخي الأستاذ عالم زيدي ظاهره كباطنه إن شاء الله لا يقول هذا إلا عن عقيدة لا عن تقية فالتقية لا تجوز إلا للضرورة عند الجميع ولا ضرورة هنا ، وأطلب من نفسي أولاً ومنه ثانياً إعادة النظر فيما كتب عنهم ، والتعرف أكثر وأكثر على تاريخ القوم و استحضار مسألة التقية والجمع بين الكتب التي تأصل و التي تعطل وتؤول وأن النتيجة الأخيرة من الشريعة التحلل مع استحضار خلاصة المذهب المذكورة في الأبيات المنسوبة لعلي بن الفضل ، وفي أقل الأحوال أن يعرف أن معي إجماعاً من علماء الأمة أو الجمهور في هذا الحكم عليهم بما فيهم أئمة الزيدية من آل البيت وغيرهم . ومذهب ابن الفضل هو مذهبهم عقدياً ، والخلاف بين الفرقتين كان إدارياً وتنظيمياً لا منهجياً ، حيث إن ابن الفضل خرج على الدولة الفاطمية ولهذا يلعنونه لا لفساد معتقده .
وأما أنه لا يقلق ولو تحول أهل اليمن كلهم إلى المذهب الإسماعيلي إذا سمحوا لغيرهم بالبقاء على مذاهبهم فهذا سخاء حاتمي بالشعب اليمني وتقديم عشرين مليوناً من المسلمين ليدخلوا في دين التحريف و التأويل بثمن بخس ألا وهو ترك حرية مذاهب الآخرين . وإذا سمحوا للأستاذ حسن .. بأن يؤذن بـ (حيا على خير العمل ) ، ويرسل يديه في الصلاة .. فليُحوِّلوا عشرين مليوناً يمنيَّاً أو إلى الهاوية فهذا لا يهم الكريم بن الكريم بن الكريم .
يا أيها الشيخ كيف ترضى للأمة دخول مذهب أجمع المسلمون على بطلانه بغض النظر عن كفر معتنقيه أو في أقل الأحوال اختلف المسلمون في كفر معتنقيه و الخلاف متأخر بسبب خداع الباطنية و تقيتهم أو بسبب المصالح والمزايدات السياسية والتحالفات الحزبية و عند البعض لأجل دراهم معدودة أو قطع من عودة وبخور الهند حسب تعبير الدكتور المحطوري .أو بسبب جهلة الكتاب في الصحف الذين يهرفون بما لا يعرفون ، أو بسبب الخوف من الغرب المدافع عن الفرق الباطنية .
ثم إن التحرر الكامل من كلام علماء المسلمين و ادعاء الاجتهاد و عدم الأخذ بمذهب أئمة الأمة من سنة و زيدية في هذه المسألة سيكون نسخاً لكل ما في من المؤلفات السابقة .
وهو وقوع إما في الإفراط أو التفريط بين أدعياء الإجتهاد بدون شروط و ضوابط ودعاة التقليد وجوباً حتى في حق من توفرت فيه شروط الإجتهاد ، والدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
فكيف نرضى بالسجود للإمام كما هو مذهب الإسماعيلية و التعلق بالقبور والتأويل الفاسد للقرآن مقابل حرية دينية ينالها المحكومون بحكم القرامطة ، وعلى كل يرحم الله الإمام مالك بن أنس الذي قال( كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فهذا مما نرده على أخينا الأستاذ حسن .
وأما دعوى أن تلك التأويلات والتحريفات للشريعة باسم الإمام فلسفة العبادة .. كما قال الأخ حسن زيد فغير مسلم به ؛ لأن حكمة العبادة وثمرتها غير تحريف و تغيير معناها . وسوف نذكر بعض الأمثلة لترى صعوبة هذا القول وعدم القدرة على جعل ذلك التحريف فلسفة للعبادة ، أو من ثمراتها وفوائدها ، ونشاهد ذلك التعسُّف ، وركوب الصعب والذلول في إنزال ذلك المسخ على فلسفة العبادة أو حكمتها و ثمرتها .
فلو تحدث حكيمٌ عن فوائد الصوم الاجتماعية ، والصحية وثمراته العاجلة والآجلة ، وقال مثلاً : يظهر فيه تساوي العباد في التكاليف فلا فرق بين غني وفقير ، ومأمور وأمير . وأن الصوم يُذكِّر الأغنياء بحال الفقراء ، وبه تخلو المعدة من فضلاتها فيصح الإنسان إذ أن المعدة بيت الداء . وفيه اجتمع أقسام الصبر الثلاثة ، وفيه رضوان الله .
وقال : من ثمرات الزكاة تزكيةٌ للمال من الأوساخ ، وتطهيرٌ لقلوب الفقراء من الأحقاد على الأغنياء ، وفيها تأليف للقلوب ، وإخراجها دليل على إيمان صاحبها ... الخ فوائد الصوم والزكاة .
وهكذا الطهارة ، والصلاة ، والجهاد ، وسائر الشرائع .. لو ذكر ما عبر عنه الأستاذ حسن .. بالفلسفة وهي ـ كما هو معروف ـ : الفوائد ، والثمرات ، والمقاصد من التشريعات لكان لا شك غير التحريف ، والإلغاء ، والإبطال عند الباطنية . وبالمثال يتضح الحال و الأمثلة السابقة واللاحقة تبين بطلان هذا التوجيه لإبطال الباطنية للشرائع تحت مسمى ( فلسفة العبادة ) .
بل عند الإسماعيلية تفريق بين التفسير والتأويل الباطل عَبَّر عنه الدكتور الإسماعيلي (عارف تامر) في مقدمة كتاب : (أساس التأويل للقاضي النعمان ) بقوله :
( قد يكون من الواضح أن ( التأويل ) بمعناه الواقعي لدى الإسماعيليين يختلف عن ( التفسير ) بمعناه الصحيح لدى عامة الفرق الإسلامية الأخرى ، فالتفسير معناه : جلاء المعنى لكل كلمة غامضة لا يفهم معناها القارئ . فإذا سألنا مثلاً ما هو تفسير كلمة شجرة ؟ أجبنا أنها نبتة تُغرس صغيرة ، ثم تنمو فيتفرَّع منها جذوع وأغصان ينبت عليها ورق أخضر ، وفي الربيع تحمل أزهاراً لا تلبث بعد ذلك حتى تعقد ثمراً طيباً .. الخ . أما إذا قلنا ما هو تأويل كلمة شجرة ؟ فتجيب بأن ذلك يتبع رأي المسئول المباشر عن التأويل ، قد يقول إنها حجرة ، أو بقرة ، أو صخرة أو غير ذلك مما يجب أن يتلاءم مع الحقيقة والواقع والعقل ، فلا يكون غريباً عن التصديق ، و لا بعيداً عن الفكر )([45]) .
وإليك بعض الأمثلة التي يصعب معها التوجيه الذي ذكره الكاتب :
1- مفهوم الصلاة :
يقول الحامدي الهمداني : ( الصلاة في الحقيقة هي : الاتصال بالإمام ، يعني لا صلاة لمن شك في إمام عصره ) ([46]) .
وزعموا أن جعفر الصادق ـ رضي الله عنه ـ قال : ( أما إقامة الصلاة فهي معرفتنا وإقامتنا ) (83) .
ويفسر جعفر بن منصور اليمن قوله تعالى : ( فلا صدق ولا صلى ) بقوله : ( الصلاة : الطاعة لأمير المؤمنين والأئمة ) الذين اصطفاهم الله من ولده ([47]).
ولقد رأينا وشاهد الآلاف عياناً ، سُجود أتباع هذه الطائفة أمام دعاتهم الأحياء منهم والأموات ، من خلال الواقع المشاهد ، ومن خلال الأفلام التسجيلية الموثقة .
وقد جاء في رثاء محمد برهان الدين لوالده طاهر سيف الدين قوله:
سجدتُ له دأباً فأسجد دائماًفلو تحدث حكيمٌ عن فوائد الصوم الاجتماعية ، والصحية وثمراته العاجلة والآجلة ، وقال مثلاً : يظهر فيه تساوي العباد في التكاليف فلا فرق بين غني وفقير ، ومأمور وأمير . وأن الصوم يُذكِّر الأغنياء بحال الفقراء ، وبه تخلو المعدة من فضلاتها فيصح الإنسان إذ أن المعدة بيت الداء . وفيه اجتمع أقسام الصبر الثلاثة ، وفيه رضوان الله .
وقال : من ثمرات الزكاة تزكيةٌ للمال من الأوساخ ، وتطهيرٌ لقلوب الفقراء من الأحقاد على الأغنياء ، وفيها تأليف للقلوب ، وإخراجها دليل على إيمان صاحبها ... الخ فوائد الصوم والزكاة .
وهكذا الطهارة ، والصلاة ، والجهاد ، وسائر الشرائع .. لو ذكر ما عبر عنه الأستاذ حسن .. بالفلسفة وهي ـ كما هو معروف ـ : الفوائد ، والثمرات ، والمقاصد من التشريعات لكان لا شك غير التحريف ، والإلغاء ، والإبطال عند الباطنية . وبالمثال يتضح الحال و الأمثلة السابقة واللاحقة تبين بطلان هذا التوجيه لإبطال الباطنية للشرائع تحت مسمى ( فلسفة العبادة ) .
بل عند الإسماعيلية تفريق بين التفسير والتأويل الباطل عَبَّر عنه الدكتور الإسماعيلي (عارف تامر) في مقدمة كتاب : (أساس التأويل للقاضي النعمان ) بقوله :
( قد يكون من الواضح أن ( التأويل ) بمعناه الواقعي لدى الإسماعيليين يختلف عن ( التفسير ) بمعناه الصحيح لدى عامة الفرق الإسلامية الأخرى ، فالتفسير معناه : جلاء المعنى لكل كلمة غامضة لا يفهم معناها القارئ . فإذا سألنا مثلاً ما هو تفسير كلمة شجرة ؟ أجبنا أنها نبتة تُغرس صغيرة ، ثم تنمو فيتفرَّع منها جذوع وأغصان ينبت عليها ورق أخضر ، وفي الربيع تحمل أزهاراً لا تلبث بعد ذلك حتى تعقد ثمراً طيباً .. الخ . أما إذا قلنا ما هو تأويل كلمة شجرة ؟ فتجيب بأن ذلك يتبع رأي المسئول المباشر عن التأويل ، قد يقول إنها حجرة ، أو بقرة ، أو صخرة أو غير ذلك مما يجب أن يتلاءم مع الحقيقة والواقع والعقل ، فلا يكون غريباً عن التصديق ، و لا بعيداً عن الفكر )([45]) .
وإليك بعض الأمثلة التي يصعب معها التوجيه الذي ذكره الكاتب :
1- مفهوم الصلاة :
يقول الحامدي الهمداني : ( الصلاة في الحقيقة هي : الاتصال بالإمام ، يعني لا صلاة لمن شك في إمام عصره ) ([46]) .
وزعموا أن جعفر الصادق ـ رضي الله عنه ـ قال : ( أما إقامة الصلاة فهي معرفتنا وإقامتنا ) (83) .
ويفسر جعفر بن منصور اليمن قوله تعالى : ( فلا صدق ولا صلى ) بقوله : ( الصلاة : الطاعة لأمير المؤمنين والأئمة ) الذين اصطفاهم الله من ولده ([47]).
ولقد رأينا وشاهد الآلاف عياناً ، سُجود أتباع هذه الطائفة أمام دعاتهم الأحياء منهم والأموات ، من خلال الواقع المشاهد ، ومن خلال الأفلام التسجيلية الموثقة .
وقد جاء في رثاء محمد برهان الدين لوالده طاهر سيف الدين قوله:
لدى قبره مستمتعاً للمآربِ
وصدق رب العزة إذ يقول : ( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ، وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين ) ([48]).
2- مفهوم الزكاة :
ومما جاء في كتبهم في تعريفها قولهم الصلاة أمير المؤمنين ، والزكاة معرفته ) ([49])( إيتاء الزكاة هي الإقرار بالأئمة من ذريتهم ) ([50]).
( إن إيتاء الزكاة هو إطاعة الناطق ، ثم الأساس ) ([51]) 3- مفهوم الصوم :
يقول الحامدي : ( إنهم ممثول شهر الصيام ، الذي هو الستر والكتمان ، وهم الأئمة المستورون .([52]) ويعني الممثول : النظير .
( صوم شهر رمضان هو ستر مرتبة القائم فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) أي : من أدرك زمان الإمام فليلزم الصمت ) .
4- مفهوم الحج :
البيت ـ أي الكعبة ـ دليل على الإمام ، والاستطاعة : هي التأييد ، والسبيل : دليل على العلم ([53]) .
ويذهب جعفر بن منصور اليمن في تفسير الآية وأذن في الناس بالحج ).
إلى القول : ( الحج مثل الناطق ، والأذان مثل الإمام ، الذي يدعو ويشير إلى الناطق ، ومعنى قوله : أَذِّن : كذلك أَقِم في الناس الإمام يدعو إلى الناطق ) .
ويقول آخر : ( الحج : هو القصد إلى صحبة السادة الأئمة من أهل البيت ، و قَطْع النظر عن سواهم ، وأما النَّحر والحلق : فإزالة الباطل ، وإظهار الحق ، و تقبيل الحجر الأسود : قبول الدعوة من الناطق المؤيد ، والطواف بالأركان ، والمقام وزمزم : هي دعوة الباطن ، والسعي بين الصفا والمروة : تتميم الدعوة والوفاء ، و إتمام الحج بالعمرة الكاملة : هي الاستجابة للمأذونين في الدعوة الشاملة .
والحج الحقيقي في هذا الزمان لدى طائفة البهرة ليس هو الحج إلى الكعبة ، الذي هو عبارة عن تقية و إرضاء للمسلمين ، بل هو إلى الهند ، إلى روضة طاهر سيف الدين الإمام المطلق الواحد والخمسون ، و الطواف حول مقامه و حضرته العلية كما يقول مفضل نجل السلطان محمد برهان الدين في إحدى خطبه : أما موسم الحج إلى الهند فهو في رجب في 19/20/21 من هذا الشهر .
ومن أبيات محمد برهان الدين في أبيه طاهر سيف جاء قوله ([54]):
أيا قبلة للعابدين وكعبة2- مفهوم الزكاة :
ومما جاء في كتبهم في تعريفها قولهم الصلاة أمير المؤمنين ، والزكاة معرفته ) ([49])( إيتاء الزكاة هي الإقرار بالأئمة من ذريتهم ) ([50]).
( إن إيتاء الزكاة هو إطاعة الناطق ، ثم الأساس ) ([51]) 3- مفهوم الصوم :
يقول الحامدي : ( إنهم ممثول شهر الصيام ، الذي هو الستر والكتمان ، وهم الأئمة المستورون .([52]) ويعني الممثول : النظير .
( صوم شهر رمضان هو ستر مرتبة القائم فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) أي : من أدرك زمان الإمام فليلزم الصمت ) .
4- مفهوم الحج :
البيت ـ أي الكعبة ـ دليل على الإمام ، والاستطاعة : هي التأييد ، والسبيل : دليل على العلم ([53]) .
ويذهب جعفر بن منصور اليمن في تفسير الآية وأذن في الناس بالحج ).
إلى القول : ( الحج مثل الناطق ، والأذان مثل الإمام ، الذي يدعو ويشير إلى الناطق ، ومعنى قوله : أَذِّن : كذلك أَقِم في الناس الإمام يدعو إلى الناطق ) .
ويقول آخر : ( الحج : هو القصد إلى صحبة السادة الأئمة من أهل البيت ، و قَطْع النظر عن سواهم ، وأما النَّحر والحلق : فإزالة الباطل ، وإظهار الحق ، و تقبيل الحجر الأسود : قبول الدعوة من الناطق المؤيد ، والطواف بالأركان ، والمقام وزمزم : هي دعوة الباطن ، والسعي بين الصفا والمروة : تتميم الدعوة والوفاء ، و إتمام الحج بالعمرة الكاملة : هي الاستجابة للمأذونين في الدعوة الشاملة .
والحج الحقيقي في هذا الزمان لدى طائفة البهرة ليس هو الحج إلى الكعبة ، الذي هو عبارة عن تقية و إرضاء للمسلمين ، بل هو إلى الهند ، إلى روضة طاهر سيف الدين الإمام المطلق الواحد والخمسون ، و الطواف حول مقامه و حضرته العلية كما يقول مفضل نجل السلطان محمد برهان الدين في إحدى خطبه : أما موسم الحج إلى الهند فهو في رجب في 19/20/21 من هذا الشهر .
ومن أبيات محمد برهان الدين في أبيه طاهر سيف جاء قوله ([54]):
المصلين باتوا ركعاً ثم سجداً
وبيتاً يمانياً به حل ربنـا
وفي يده العلياء سيفاً مهنـداً
وعندهم أن لثم أقدام الإمام أو لثم ثَراه أفضل من تقبيل الحجر الأسود بمكة ، وهل المراد بالكعبة و الحج سوى الإمام نفسه عندهم . وهذا ما أكده مُفضَّل نجل السلطان محمد برهان الدين في خطبته المحفوظة في شريط كاسيت ( التي لعن فيه الصحابة بالاسم ) فقد قال ـ زيارة الإمام المطلق ـ أي والده : إنها واجبة كالحج لأنها حج وتقوم مقامه .
5- معنى الشرك :
يؤوِّل قول الله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ).
فيقول ( إنما الإشراك في هذا الموضع ، أن يشرك بولاية أمير المؤمنين ومن نصبه الله ولياً وإماماً ، فيجعل معه غيره ، و يجحد بولايته فقد ضل ضلالاً بعيداً ) ([55])
لذلك يُعتبر الزيود مشركين لأنهم أشركوا أبا بكر وعمر وعثمان مع علي في الخلافة ، واعترفوا بإمامتهم . أما أصحاب المذاهب الأربعة فهم في نظرهم كُفَّار.
- معنى الأسماء الحسنى :
يقول في قوله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) يعني : لله الأئمة الهداة و الرسل الذين اختارهم ، و تقربوا إليه بطاعتهم ، و طلبوا مرضاته ، و ما عنده بهم ، فهم أبوابه ، و أسباب خلقه إليه ) ([56])
7- معنى القرآن والآيات :
يقولون : إن المراد بالقرآن هو "علي" صاحب التأويل ، وهو مقترن بمحمد صاحب التنـزيل . أما الآيات فيؤوِّل جعفر الآية : ( وإذا بدلنا آية مكان آية ) يعني : إماماً مكان إمام ، فأما الناطق والوصي : فإن مقاميهما ثابتان ([57]).
8- معنى البيت الحرام :
و يؤول قوله تعالى ( البيت الحرام ) بقوله : يعني الصامت أي "علي" ، فإن الناطق يعني محمداً يكون إماماً قبل أن يكون ناطقاً ([58]).
9- معنى الحق :
ومعنى قوله تعالى : ( بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون ) هو عنده : أصحاب العقبة ، لأنهم أعرضوا عن الحق وعن الإقرار به ، و هو الإمام صلوات الله عليه([59]).
10- معنى الجنة :
ومعنى الجنة عنده في قوله تعالى : ( فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) هي الإمام الحجة ، فيقول : الجنة في هذا الموضع : الحجة عليه السلام ، لأنه إنما يوصل إلى كل إمام من حجته([60]).
11- معنى جهنم :
وفي تأويله لقوله تعالى : ( وجئ يومئذ بجهنم ) يقول : أراد بجهنم في هذا الموضع : الناطق الذي يظهر بالسيف ، و حكمه عليهم بالقتل ، وهو جهنم ([61]).
فكل ما تقدم ذكره مِسخ للمعنى ، وإفسادٌ له .. وليس فلسفة أو ثمرة أو فائدة لتلك الأحكام والمعاني والتشريعات والمصطلحات . فعلى أخينا الأستاذ/ حسن .. إعادة النظر ، وليقرأ كلام المنصور بالله في " المجموع المنصوري " في حكمه على أصحاب هذه التأويلات .
الإسماعيلية نفات الصفات:
من مقدمة كتاب ( الرسالة الوضية في معالم الدين وأصوله ) لحجة العراقين / أحمد حميد الدين الكرماني نقلوا عن محمد الباقر أنه قال : ( لما وهب الله العلم للعالمين قيل هو عالم ، ولما وهب القدرة للقادرين قيل هو قادر .. بمعنى أنه وهب العلم و القدرة ، لا بمعنى أنه قام به العلم والقدرة أو وصف بالعلم والقدرة ) ([62]) .
ولذلك قيل عن الإسماعيلية : أنهم من نُفاة الصفات ، معطلة الذات عن جميع الصفات ([63]). وهم في ذلك يخالفون جمهور أهل السنة ([64]).
الإباحية عند علي بن الفضل في اليمن :
من الرسالة الوضية ([65]) شرح بعض المؤرخين سلوكيات ابن الفضل فقال إنه : ( أظهر مذهبه الخبيث ، ودينه المشئوم ، وارتكب محظورات الشرع ، وادعى النبوة ، وكان المؤذن يؤذن في مجلسه : أشهد أن علي بن الفضل رسول الله ، و أباح لأصحابه شرب الخمر ، و نكاح البنات ، و سائر المحرمات ، وأنشد أبياته المشهورة على منبر صنعاء والتي جاء فيها ([66]) :
خذي الدف يا هذه واضربي5- معنى الشرك :
يؤوِّل قول الله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ).
فيقول ( إنما الإشراك في هذا الموضع ، أن يشرك بولاية أمير المؤمنين ومن نصبه الله ولياً وإماماً ، فيجعل معه غيره ، و يجحد بولايته فقد ضل ضلالاً بعيداً ) ([55])
لذلك يُعتبر الزيود مشركين لأنهم أشركوا أبا بكر وعمر وعثمان مع علي في الخلافة ، واعترفوا بإمامتهم . أما أصحاب المذاهب الأربعة فهم في نظرهم كُفَّار.
- معنى الأسماء الحسنى :
يقول في قوله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) يعني : لله الأئمة الهداة و الرسل الذين اختارهم ، و تقربوا إليه بطاعتهم ، و طلبوا مرضاته ، و ما عنده بهم ، فهم أبوابه ، و أسباب خلقه إليه ) ([56])
7- معنى القرآن والآيات :
يقولون : إن المراد بالقرآن هو "علي" صاحب التأويل ، وهو مقترن بمحمد صاحب التنـزيل . أما الآيات فيؤوِّل جعفر الآية : ( وإذا بدلنا آية مكان آية ) يعني : إماماً مكان إمام ، فأما الناطق والوصي : فإن مقاميهما ثابتان ([57]).
8- معنى البيت الحرام :
و يؤول قوله تعالى ( البيت الحرام ) بقوله : يعني الصامت أي "علي" ، فإن الناطق يعني محمداً يكون إماماً قبل أن يكون ناطقاً ([58]).
9- معنى الحق :
ومعنى قوله تعالى : ( بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون ) هو عنده : أصحاب العقبة ، لأنهم أعرضوا عن الحق وعن الإقرار به ، و هو الإمام صلوات الله عليه([59]).
10- معنى الجنة :
ومعنى الجنة عنده في قوله تعالى : ( فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) هي الإمام الحجة ، فيقول : الجنة في هذا الموضع : الحجة عليه السلام ، لأنه إنما يوصل إلى كل إمام من حجته([60]).
11- معنى جهنم :
وفي تأويله لقوله تعالى : ( وجئ يومئذ بجهنم ) يقول : أراد بجهنم في هذا الموضع : الناطق الذي يظهر بالسيف ، و حكمه عليهم بالقتل ، وهو جهنم ([61]).
فكل ما تقدم ذكره مِسخ للمعنى ، وإفسادٌ له .. وليس فلسفة أو ثمرة أو فائدة لتلك الأحكام والمعاني والتشريعات والمصطلحات . فعلى أخينا الأستاذ/ حسن .. إعادة النظر ، وليقرأ كلام المنصور بالله في " المجموع المنصوري " في حكمه على أصحاب هذه التأويلات .
الإسماعيلية نفات الصفات:
من مقدمة كتاب ( الرسالة الوضية في معالم الدين وأصوله ) لحجة العراقين / أحمد حميد الدين الكرماني نقلوا عن محمد الباقر أنه قال : ( لما وهب الله العلم للعالمين قيل هو عالم ، ولما وهب القدرة للقادرين قيل هو قادر .. بمعنى أنه وهب العلم و القدرة ، لا بمعنى أنه قام به العلم والقدرة أو وصف بالعلم والقدرة ) ([62]) .
ولذلك قيل عن الإسماعيلية : أنهم من نُفاة الصفات ، معطلة الذات عن جميع الصفات ([63]). وهم في ذلك يخالفون جمهور أهل السنة ([64]).
الإباحية عند علي بن الفضل في اليمن :
من الرسالة الوضية ([65]) شرح بعض المؤرخين سلوكيات ابن الفضل فقال إنه : ( أظهر مذهبه الخبيث ، ودينه المشئوم ، وارتكب محظورات الشرع ، وادعى النبوة ، وكان المؤذن يؤذن في مجلسه : أشهد أن علي بن الفضل رسول الله ، و أباح لأصحابه شرب الخمر ، و نكاح البنات ، و سائر المحرمات ، وأنشد أبياته المشهورة على منبر صنعاء والتي جاء فيها ([66]) :
وغني هزاريك ثم اطربي
تولى نبـي بنـي هاشــم
وهذا نبي بنـي يعـربِ
لكل نبـي مضـى شرعـة
وهذي شريعـة هذا النبي
فقد حـط عنا فروض الصلاة
وحط الصيام فلا تتعــبِ
إذا الناس صلوا فلا تنهـضي
وإن أمسكوا فكلي واشربي
ولا تطلبي السعي بين الصف
ا
ولا زورة القبر في يثـربِ
يحل البنات مع الأمهــات
ومن فضله زاد حل الصبي
وهناك نصوص أخرى كثيرة ذكرها مؤرخون سنيون وزيدية ، بل ومن الشيعة الإسماعيلية أنفسهم ، و على مستوى الدعاة الكبار كالداعي المطلق باليمن إدريس عماد الدين القرشي .
كل هذه النصوص تؤكد هذا الانحراف ، وتعلن تفاصيله .
ولكن اليمن الإسلامي أصر على نبذ التطرف ولم يرض عن الإسلام الحنيف السمح بديلاً ، فإزاء
هذا الموقف من علي بن الفضل ظهر هناك رفض عام من أهل اليمن ، تمثل في انصراف الناس عن المذهب الإسماعيلي ، لأن دعاته أصبحوا في نظرهم خارجين عن الإسلام الصحيح .
وقُتل علي بن الفضل على يد شريف بغدادي بالتواصل مع الأمير أسعد بن أبي يعفر الحوالي ([67]).
وبعد مقتل ابن الفضل ظهر في اليمن إجماع شعبي على التخلص من المذهب الإسماعيلي ، و بصفة خاصة أتباع ابن الفضل ، ووقفت غالبية أهل اليمن مع أسعد بن أبي يعفر تعاونه في القضاء على أتباع ابن الفضل الذين كان قد أطلق عليهم في ذلك الوقت اسم القرامطة .
وتتبع أسعد أتباع علي بن الفضل و حاصرهم و دخل المدينة عنوة ، فقتل ( خواصه وأهله ومن دخل في مذهبه ).
فاختفى دعاة المذهب وأتباعهم و انتقلوا إلى دور التستر والتقية ، وبالغوا في ذلك التستر ، و ظل الإسماعيلية طوال هذه الفترة يعملون على نشر مذهبهم وأفكارهم في سرية تامة .
الغلو في الإمام :
ولأن الولاية أقوى دعائم الإسلام عند الإسماعيلية فقد قالوا : ( فإن أطاع المرء الله وعصى الإمام ، أو كذَّب به فهو أثم في معصيته غير مقبولة منه طاعة الله وطاعة رسوله )([68]).
وقال جعفر بن منصور اليمن : ( لا دين إلا بطاعة علي وولايته ، ولا نعمة تامة إلا مودته ومحبته ، ولا يقبل للأمة فرض ولا سنة ولا عمل مفترض إلا بطاعة زوج البتول وموالاته ومحبته والأئمة من ولده يرثون مقامه وفضله ) ([69]).
و يقول الكرماني : ( ولا صيام لمن عصى الإمام ) ([70]).
ولا حج أيضاً لمن لم يعرف حدود الله وإمام الزمان فإذا عرفه ( بعد أن كان يجهله ) لزمه أن يحج ثانية لبطلان الحج الأول . [ أنظر المخطوطة ، ص 173 ومن كتاب المجالس والمسايرات للقاضي النعمان بن محمد ص(57- 60) ] ) أ.هـ .
السجود للأولياء وتقبيل الأرض بين أيديهم :
زعموا أن السجود للأولياء ليس سجوداً لغير الله لأنه سجود غير حقيقي ، فهو سجود طاعة وتعظيم ومثلوا لذلك بسجود يعقوب وولده وهم أنبياء ليوسف عليه السلام ، فهل كفروا بسجودهم هذا ؟
وذكروا أن نهي الأولياء عن السجود لهم وتقبيل الأرض بين أيديهم أن هذا النهي يخرج على غير الإلزام ، ويجري على وجوه من التأديب والإرشاد والاختبار والامتحان.
ويقول القاضي : فرأيتُ أنا كذلك وعلمتُ وجه ما قال المعز لدين الله صلوات الله عليه أن الطاعة لما أن كانت لا تكون إلا في المعروف فإن النهي عن المعروف لا يكون نهياً لازماً ، ورأيتُ أن أمر المنصور (ص) لي مع بيان المعز بترك تقبيل الأرض أمر اختبار وامتحان كأمر الله عز وجل إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه إسماعيل ليمتحن صبره ويختبر أمره .
حول تكفير من خرج على أئمة الباطنية وخلودهم في النار ([71]) :
" قال القاضي : وسايرتُ المعز لدين الله يوماً في حياة المنصور صلوات الله عليه ، فذكر أيام الفتنة و بعض من كان اتبع مخلد اللعين فيها وتولاهُ و نزع إليه .
فقال: أولئك والله حزب الشيطان ، و حشوا الجحيم ، وحطب النيران ، من كان منهم قد فارقنا و تولى عدونا ، و أعان علينا و مات على ذلك غير تائبٌ منه ولا راجع عنه .
قال: قلتُ : يا مولاي ، فمن كان قد ندم على ذلك وتاب منه وأناب إليكم وتلافي ما فات منه لديكم ؟
قال: يا نعمان ، نحن أبواب الله والوسائل إليه ، فمن تقرب بنا قبل ، ومن توسل بنا وصل ، ومن تشفعنا له شفعنا فيه ، ومن استغفرنا له غفر ذنبه.
ولكن لا يستوي من أذنب ومن لا ذنب له ، ولذلك كانت الدرجات في الآخرة .
وإن الله ليعاقب من يشاء من خلقه في الدنيا بذنبه فذلك أخف عقابه .
قلتُ : يا مولاي ، والله لقد رأيتُ أكثر من فتن في تلك الأيام المفتنة ممن كانت له معكم سابقة في جهاد أو صحبة أو ولاية قلما يسلم من مصيبة في الدنيا أو عقوبة إما أن قتل على أيدي أوليائكم أو على يد من تولاه أو أصابته مصيبة في نفسه أو في أهله أو في ماله .
قال: يا نعمان ، الشقي والله من مات على الإصرار على ما صار من ذلك إليه ، فأما من مات و قد تلافى نفسه منهم بأمرنا ، فهم على درجات : إن أقبل المقبل إلينا منهم بمثل ما أدبر عنا فقد غسل ذنوبه ونظف نفسه ، وإن زاد في إقباله علينا على إدباره عنا زاد ثواباً وأجراً ، وإن نقص من ذلك نقص من حظه .
فأما ما أصيبوا فيه في عاجل الدنيا فهو من أخف العقوبة ، ولا بد والله من التمحيص : أرأيتَ الذهب إذا خالطه الغش ، هل له إلا أن يصفى بالنار حتى يحرق ما خالطه ويصفو؟ وكذلك مثل المؤمنين .
قال: فما فتق سمعي كلام قبله مثله أجل قدراً وأكثر فائدة ، وتدبرته ، فرأيته كله مشتقاً من كتاب الله جل ذكره ومن قول الرسول صلى الله عليه وسلم .
فأما إيجابه النار إن مات على ولاية اللعين الدجال مخلد بن كيداد ، عادلاً عن ولاية أولياء الله إلى ولاية أعدائه . فهو من قول الله عز وجل (( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ))
وأما قوله فيمن تاب وأناب ، فإن الله عز وجل يقول (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ))
وأما قوله في درجات الآخرة (( أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً ))
وأما قوله في العقوبة في الدنيا بالمصائب فيها (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ))
وكلام أولياء الله على مثل هذا : كله مشتق من كتاب الله جل ذكره ومن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : وسمعته يقول : سمعتُ القائم بأمر الله (ص) يقول في قوم من الدعاة بلغه أنهم غلوا فيه وفي آبائه الأئمة الصادقين صلوات الله عليهم أجمعين وقالوا إنهم يعلمون الغيب فلعنهم وقال: هؤلاء الصادون عنا الكاذبون علينا، والله ما أرادوا بما وصفونا به إلا تكذيباً لنا وأبعدوا الناس عنا ، لأنهم إذا وصفونا لهم بما ليس فينا ، فلم ير الناس ذلك ولا وجدوه عندنا لم يروا أنا أئمة .
ثم قال المعز لدين الله (ص) : الغيب الذي تعلمه الأئمة هو ما غاب عن الناس من العلم الذي أودعهم الله إياه واستحفظهم سره . فأما الغيب الذي قال جل ذكره (( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله )) فلا يعلمه إلا هو كما قال عز وجل ) انتهى من كتاب المجالس والمسايرات .
رؤيا إمام فاطمي في المنام سبب للمغفرة ([72]) :
قال: وسمعته صلوات الله عليه وقد ذكر الولاية والمحبة فقال : والله ما يضيع ذلك لمن اعتقده . ولقد رأيتُ فلاناً في المنام وذكر رجلاً ظاهرياً غالياً في مذهبه إلا أنه كان متصلاً بالقائم صلوات الله عليه وكانت له عليه نعمة قال: فرأيته في المنام بعد أن مات فقلتُ : ماذا صرتَ إليه ؟ فقال : انتفعتُ والله بمحبتي للقائم عليه السلام . قال له بعض من حضر : أفترى ذلك ينجيه و هو على ما كان عليه ؟ فقال لا والله ، ولكنه كما قال ينفعه بعض النفع .
قال : ورأيتُ فلاناً – يعني بعض الأولياء- كان له تخليط ثم حسنت حاله وغناؤه وجهاده ، واختصه المنصور بالله صلوات الله عليه ، ثم مات بعده ، قال المعز لدين الله (ص) فرأيتهُ بعد أن مات بليلة وقد مر بي فدعوته فنظر إلي وكأنه في غمرة وشدة ، فقال لما دعوتُ به : دعني أما ترى ما أنا فيه ؟ قال: فأصبحتُ وقد غمني له ما رأيتُ من ذلك فلما كانت الليلة الثانية رأيتهُ في أحسن حال وأقبل إلي ضاحكاً ، فقلتُ : ما حالك ، وماذا صرتَ إليه ؟ فقال: إلى خير والحمد لله ، ما خلق الله في الخلق مثل أبيك و الله ما زال بي حتى خلصني قسراً من شدة شديدة وأمر عظيم ) انتهى .
فهذه هي الباطنية ، وهذا هو "النعمان" الذي تحدث عنه الأستاذ حسن زيد .. باعتداله وقربه من المذاهب الإسلامية المشهورة .
من مظاهر التمرد الجماعي من أبناء الطائفة على سلطة المذهب ([73]) :
(1) حركات التمرد في الهند :
ظهرت بعض الدعوات الإصلاحية في الهند من طبقة المثقفين والتجار ، على أمل أن تنال الطائفة ( البهرية ) بعض الحرية الآدمية من قبل السلطان ، وكان ذلك في عهد زعامة ( طاهر سيف الدين ) فكان أن جرت عليهم هذه المحاولة ألواناً من التعسف والتنكيل ، وبصورة تفوق الوصف ، وذكر أن عدداً من المصلحين ضربوا ضرباً مبرحاً . بينما كانوا مجتمعين للتباحث في بعض الأمور حتى أن عائلات هؤلاء وأطفالهم لم يسلموا من الأذى ، وأعلن الداعي عليهم الجهاد ، وطالب أفراد طائفته بمقاطعتهم بقسوة ، وهدد كل من يقف إلى جانبهم ، أو يتفوه بكلمة عطف تجاههم بأن يتعرض لنفس المصير حتى أن (1200) شاب من المصلحين لم يستطيعوا الزواج لأن الداعي فرض عليهم حصاراً ، بإيقافه إصدار تصاريح الزواج ، كل هذا حصل بسبب أن هؤلاء الشباب طالبوا بحقهم في إقامة جمعيتهم التي تنادي بالإصلاح وخدمة المحرومين ، والمقاطعة الشعبية الاجتماعية من أمضى الأسلحة في يد الداعي وقد استغلها بكل خبث ولؤم .
وقد ابتكر سلاحاً أشد مضاءً من سلاح المقاطعة الجماعية ويسمى البارات ، وتطبيقه أشد بكثير على الفرد من تطبيق قانون المقاطعة الجماعية بكثير ، فالذي يصدر بحقه هذا القرار يعاقب عقاباً نفسياً ، بالإضافة إلى أنه يجبر جميع الناس بالقوة حتى أقرب المقربين إليه على قطع علاقاتهم به ، وقد تسببت البارات في انهيار عائلات بأكملها ، وكل من يقوم بالاحتجاج حالياً ضد أي فرد من أفراد العائلة الحاكمة لا بد له من الاعتذار تحت تأثير التهديد بالبارات ، وكلمات الاعتذار بحد ذاتها فيها إهانة كبيرة للكرامة والنفس البشرية .
إلى الصحفيين :
هناك صحفيون يدافعون عن الإثنى عشرية والباطنية بدون علم بحقيقة واقعهم رغم أنهم يزعمون الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الكلمة والرأي ، فهم لا يدرون كيف يعيش الإسماعيلية ذل الخنوع لإمامهم خلافاً لتعاليم الإسلام الحنيف.
وخلاصة القول : أن الإسلام هو أول من نادى بالمساواة الاجتماعية لجميع الناس ، وبعد ثلاثة عشر قرناً من الزمان يوجد هناك من يدعون الإيمان والإسلام ويقومون بإهانة الكرامة الإنسانية باسم الإسلام.
والمطلوب من جميع الجمعيات الإسلامية الوقوف في وجه هذه الانحرافات الخطيرة.
(2) حركة التمرد في اليمن :
لقد شعر اليمنيون بالظلم من خلال التمييز العنصري ، ونظرة الاحتقار الدونية التي يلاقونها من زعماء الطائفة والتي تجعلهم في درجة أقل من الهندي الداودي.
وقد وقعوا محضر بدخولهم المذهب الزيدي وخروجهم من المذهب الباطني ذاكرين أسباب خروجهم .
من مظاهر التحرر الفردي في اليمن :
ظهرت في اليمن حالات من التمرد الفردي ، تمثلت بصورة أوضح من خلال شخصيتين خطيرتين من زعماء الطائفة ونوابها الكبار وهما الشيخ النائب : حسن النائب ، والشيخ النائب/ غالب علي محسن العزب . [ انتهى من كتاب الشيعة الإسماعيلية رؤية من الداخل ] .
وأما قول الأستاذ / حسن زيد .. في تبرير دفاعه عن الإسماعيلية أن كتاب ( دعائم الإسلام ) تأليف أقضى قضاة المعز النعمان بن محمد بن حيون التميمي المغربي ليس بينه وبين المذاهب الإسلامية الأخرى إلا فروق في الفروع .
فبالرغم من أن الكتاب لا يخلو من تأويل للآيات وحملها على غير محاملها في حكم الإمامة ، وسَير مؤلفه على نهج الرافضة في مسألة الغلو في الأئمة ، وجرح الأصحاب بأسلوب وبآخر وامتلائه بالأحاديث المختلفة . إلا أن هذا الكتاب لا يُخفي حقيقة ما كتبه النعمان نفسه قبل غيره في مذهب الإسماعيلية من أصول وطامات و تأويلات تقشعر لها الأبدان في عدد من مؤلفاته . مثل :
[تأويل الدعائم ، تأويل الشريعة ، المجالس والمسايرات ، أساس التأويل ]وغيرها من مؤلفاته .
وما الذي يمنع من التقية أحياناً وهو دينهم دائماً ؟! وسوف أنقل للأستاذ القدير حسن زيد .. بعض النماذج ليعرف أو يتأكد إن كان يعلم ذلك ، وقد سبق الكثير من ذلك والمكرر أحلى.
نعم إن هناك أمراً لا بد من الإشارة إليه إنصافاً للأستاذ حسن ، والقاضي النعمان كذلك . بأن كتاب "الدعائم" هو أخف كتب المؤلف ضلالاً ، وأن النعمان إذا ما قِيس بأئمة الدعوة الإسماعيلية الآخرين كجعفر بن منصور اليمن مثلاً يعتبر من أخفهم تأويلاً رغم تأويلاته الباطنية التي لا حصر لها .
وقد حاول النعمان في مطلع كتاب ( أساس التأويل ) أن يثبت التأويل الباطني الذي يعني : صرف اللفظ عن ظاهره بغير قرينة .. ببعض آيات من القرآن تتكلم عن التأويل ـ يعني التفسير ـ أو ما يؤول إليه الأمر . وقال عن القرآن : ( فجعل عز وجل ظاهره معجزة رسوله ، وباطنه معجزة الأئمة من آل بيته لا يوجد إلا عندهم ، ونسب حديثاً موضوعاً إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : ( ما نزلت علي من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن ) ([74]).
وأوَّل قوله تعالى : ( وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً ) فقال: فالطريقة هي النبي الناطق في زمانه ، والإمام في أوانه من بعده والماء الغدق هو العلم الغزير .
وقال : فالناطق هو صاحب الشريعة ، والصامت هو أساس الشريعة في عهد الناطق وصاحب تأويلها ([75]) .
وتأوَّل كلمة التوحيد بما يخرجها عن معناها ([76]). وتكلم عن السبعة الطلقاء ، والسبعة الأئمة ، و الإثنى عشر إلى أن يقول في تفسير كلمتي الشهادة : ( شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) فالسبعة ، والإثنى عشر مجموعهم تسعة عشر وهم الذين عناهم الله بقوله ( عليها تسعة عشر ) وقد جمعتهم الشهادة فمن عرفهم واعتقد بولايتهم وعمل بما أخذه عنهم فهو مؤمن من أهل الجنة مقبول الشهادة الخ ([77]) .
وهذه الأمثلة من التأويلات قطرة من بحار هذا الكتاب ولم يقتصر تأويل النعمان للقرآن فيما يتعلق بالإمامة وصرف نصوصه إلى رأس مال الإمامية والإسماعيلية . وهي مسألة الإمامة ، بل تأول ما جاء في القرآن عن الأنبياء السابقين ـ عليهم السلام ـ بنفس الأسلوب ، وهذا يعطي القارئ عدم الحكم على من يستخدمون التقية من الإسماعيلية والرافضة من موقف واحد أو تصريح أو مؤلف بل لابد من الاستقصاء.
وأقول : حتى لو سلمنا أن النعمان ما ذكر إلا خلافات جائزة بين أصحاب المذاهب لما كفى فقد ذكر غيره ممن هم مختصون بالتأويل كجعفر اليمني ، فإن التقية تجعلهم يختلفون من كتاب أو مجلس أو مكان إلى آخر وكل ذلك عندهم دين .
فإذا أضيف إلى ذلك أن النعمان ألَّف كتاب (الدعائم) أساساً للفقه والشريعة ، وأساس التأويل للفلسفة الباطنية . فالكتابان مرتبطان تمام الارتباط كما يقول الدكتور عارف تامر في( مقدمة أساس التأويل ص 9 ) إذا كتاب الأساس تأويل للدعائم ، والتأويل إبطال للكتاب وجرى على المنهج الباطني .
وأخيراً بالرجوع إلى كتب الإسماعيلية ككتب النعمان التميمي ، وجعفر اليمني ، والكرماني والداعية إدريس ، والافتخار للسجستاني ، وتاريخ الدعوة الإسماعيلية ، والحركات الإسماعيلية للدكتور عارف تامر ، ومؤلفات الشيرازي ... وغيرهم من الباطنية .
وما كتبه غير الإسماعيلية من المستشرقين والمسلمين سيعرف كيف يَحكم على القوم ، وأن بينهم وبين حقيقة الشريعة حجاباً مستوراً من التأويلات والتحلل من أحكامها .
أكتفي بهذا القدر من الحوار الهادئ مع الأستاذ / حسن محمد زيد .. حول فرق الانحراف التي هو أرفع من أن يدافع عنها ، وعليها الدفاع عن نفسها بالبرهان .
وأنا لا أخفي مع احترامي للأخ حسن زيد .. استغرابي من صحيفته (الأمة ) كيف تكثر فيها المواضيع المدافعة بالباطل من بعض جهلة الكتَّاب عن الباطنية والرافضة بأساليب تدل على الجهل والعصبية والتحالفات المنهارة مع تلك الفرق . وإلا كيف يدور ( الحوار رحمة الاختلاف ) في صفحات الأمة مع ( الحوار الهادئ ) ثم في نفس العدد يكتب كتَّاب وهميون أو حقيقيون كالشعبي والعياني سباً وشتماً مقذعين .
وإلى الساعة لم أدر ما جدوى دفاع الأستاذ/ حسن زيد .. عن فرق تلتهم المذهب الزيدي التهاماً ، وهي مليئة بالضلال والدفاع عنها مجال قد يخطر على بالي أنه إن أمكن الحوار واحتيج إليه فسيكون بأدب ورحمة بين السلفيين والزيدية المعتزلة حول ما بينهما عبر التاريخ من خلاف في مسألة الصفات ، والقدر ، والرؤية ، ونفي القول بخلق القرآن ، وحكم مرتكب الكبيرة ... مع تجاوز مسائل الفروع والأخذ بالأحوط ، أما الدفاع عمَّن ضللهم الزيدية ، وكفَّروا الزيدية كذلك كالرافضة فما هو دفاع التقريب فالمسافة شاسعة بينهما ، وأقرب مسافة هي بين السلفية والزيدية المعتدلة ، والله أعلم .
([1]) كتاب الكشف : ص 109 .كل هذه النصوص تؤكد هذا الانحراف ، وتعلن تفاصيله .
ولكن اليمن الإسلامي أصر على نبذ التطرف ولم يرض عن الإسلام الحنيف السمح بديلاً ، فإزاء
هذا الموقف من علي بن الفضل ظهر هناك رفض عام من أهل اليمن ، تمثل في انصراف الناس عن المذهب الإسماعيلي ، لأن دعاته أصبحوا في نظرهم خارجين عن الإسلام الصحيح .
وقُتل علي بن الفضل على يد شريف بغدادي بالتواصل مع الأمير أسعد بن أبي يعفر الحوالي ([67]).
وبعد مقتل ابن الفضل ظهر في اليمن إجماع شعبي على التخلص من المذهب الإسماعيلي ، و بصفة خاصة أتباع ابن الفضل ، ووقفت غالبية أهل اليمن مع أسعد بن أبي يعفر تعاونه في القضاء على أتباع ابن الفضل الذين كان قد أطلق عليهم في ذلك الوقت اسم القرامطة .
وتتبع أسعد أتباع علي بن الفضل و حاصرهم و دخل المدينة عنوة ، فقتل ( خواصه وأهله ومن دخل في مذهبه ).
فاختفى دعاة المذهب وأتباعهم و انتقلوا إلى دور التستر والتقية ، وبالغوا في ذلك التستر ، و ظل الإسماعيلية طوال هذه الفترة يعملون على نشر مذهبهم وأفكارهم في سرية تامة .
الغلو في الإمام :
ولأن الولاية أقوى دعائم الإسلام عند الإسماعيلية فقد قالوا : ( فإن أطاع المرء الله وعصى الإمام ، أو كذَّب به فهو أثم في معصيته غير مقبولة منه طاعة الله وطاعة رسوله )([68]).
وقال جعفر بن منصور اليمن : ( لا دين إلا بطاعة علي وولايته ، ولا نعمة تامة إلا مودته ومحبته ، ولا يقبل للأمة فرض ولا سنة ولا عمل مفترض إلا بطاعة زوج البتول وموالاته ومحبته والأئمة من ولده يرثون مقامه وفضله ) ([69]).
و يقول الكرماني : ( ولا صيام لمن عصى الإمام ) ([70]).
ولا حج أيضاً لمن لم يعرف حدود الله وإمام الزمان فإذا عرفه ( بعد أن كان يجهله ) لزمه أن يحج ثانية لبطلان الحج الأول . [ أنظر المخطوطة ، ص 173 ومن كتاب المجالس والمسايرات للقاضي النعمان بن محمد ص(57- 60) ] ) أ.هـ .
السجود للأولياء وتقبيل الأرض بين أيديهم :
زعموا أن السجود للأولياء ليس سجوداً لغير الله لأنه سجود غير حقيقي ، فهو سجود طاعة وتعظيم ومثلوا لذلك بسجود يعقوب وولده وهم أنبياء ليوسف عليه السلام ، فهل كفروا بسجودهم هذا ؟
وذكروا أن نهي الأولياء عن السجود لهم وتقبيل الأرض بين أيديهم أن هذا النهي يخرج على غير الإلزام ، ويجري على وجوه من التأديب والإرشاد والاختبار والامتحان.
ويقول القاضي : فرأيتُ أنا كذلك وعلمتُ وجه ما قال المعز لدين الله صلوات الله عليه أن الطاعة لما أن كانت لا تكون إلا في المعروف فإن النهي عن المعروف لا يكون نهياً لازماً ، ورأيتُ أن أمر المنصور (ص) لي مع بيان المعز بترك تقبيل الأرض أمر اختبار وامتحان كأمر الله عز وجل إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه إسماعيل ليمتحن صبره ويختبر أمره .
حول تكفير من خرج على أئمة الباطنية وخلودهم في النار ([71]) :
" قال القاضي : وسايرتُ المعز لدين الله يوماً في حياة المنصور صلوات الله عليه ، فذكر أيام الفتنة و بعض من كان اتبع مخلد اللعين فيها وتولاهُ و نزع إليه .
فقال: أولئك والله حزب الشيطان ، و حشوا الجحيم ، وحطب النيران ، من كان منهم قد فارقنا و تولى عدونا ، و أعان علينا و مات على ذلك غير تائبٌ منه ولا راجع عنه .
قال: قلتُ : يا مولاي ، فمن كان قد ندم على ذلك وتاب منه وأناب إليكم وتلافي ما فات منه لديكم ؟
قال: يا نعمان ، نحن أبواب الله والوسائل إليه ، فمن تقرب بنا قبل ، ومن توسل بنا وصل ، ومن تشفعنا له شفعنا فيه ، ومن استغفرنا له غفر ذنبه.
ولكن لا يستوي من أذنب ومن لا ذنب له ، ولذلك كانت الدرجات في الآخرة .
وإن الله ليعاقب من يشاء من خلقه في الدنيا بذنبه فذلك أخف عقابه .
قلتُ : يا مولاي ، والله لقد رأيتُ أكثر من فتن في تلك الأيام المفتنة ممن كانت له معكم سابقة في جهاد أو صحبة أو ولاية قلما يسلم من مصيبة في الدنيا أو عقوبة إما أن قتل على أيدي أوليائكم أو على يد من تولاه أو أصابته مصيبة في نفسه أو في أهله أو في ماله .
قال: يا نعمان ، الشقي والله من مات على الإصرار على ما صار من ذلك إليه ، فأما من مات و قد تلافى نفسه منهم بأمرنا ، فهم على درجات : إن أقبل المقبل إلينا منهم بمثل ما أدبر عنا فقد غسل ذنوبه ونظف نفسه ، وإن زاد في إقباله علينا على إدباره عنا زاد ثواباً وأجراً ، وإن نقص من ذلك نقص من حظه .
فأما ما أصيبوا فيه في عاجل الدنيا فهو من أخف العقوبة ، ولا بد والله من التمحيص : أرأيتَ الذهب إذا خالطه الغش ، هل له إلا أن يصفى بالنار حتى يحرق ما خالطه ويصفو؟ وكذلك مثل المؤمنين .
قال: فما فتق سمعي كلام قبله مثله أجل قدراً وأكثر فائدة ، وتدبرته ، فرأيته كله مشتقاً من كتاب الله جل ذكره ومن قول الرسول صلى الله عليه وسلم .
فأما إيجابه النار إن مات على ولاية اللعين الدجال مخلد بن كيداد ، عادلاً عن ولاية أولياء الله إلى ولاية أعدائه . فهو من قول الله عز وجل (( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ))
وأما قوله فيمن تاب وأناب ، فإن الله عز وجل يقول (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ))
وأما قوله في درجات الآخرة (( أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً ))
وأما قوله في العقوبة في الدنيا بالمصائب فيها (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ))
وكلام أولياء الله على مثل هذا : كله مشتق من كتاب الله جل ذكره ومن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : وسمعته يقول : سمعتُ القائم بأمر الله (ص) يقول في قوم من الدعاة بلغه أنهم غلوا فيه وفي آبائه الأئمة الصادقين صلوات الله عليهم أجمعين وقالوا إنهم يعلمون الغيب فلعنهم وقال: هؤلاء الصادون عنا الكاذبون علينا، والله ما أرادوا بما وصفونا به إلا تكذيباً لنا وأبعدوا الناس عنا ، لأنهم إذا وصفونا لهم بما ليس فينا ، فلم ير الناس ذلك ولا وجدوه عندنا لم يروا أنا أئمة .
ثم قال المعز لدين الله (ص) : الغيب الذي تعلمه الأئمة هو ما غاب عن الناس من العلم الذي أودعهم الله إياه واستحفظهم سره . فأما الغيب الذي قال جل ذكره (( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله )) فلا يعلمه إلا هو كما قال عز وجل ) انتهى من كتاب المجالس والمسايرات .
رؤيا إمام فاطمي في المنام سبب للمغفرة ([72]) :
قال: وسمعته صلوات الله عليه وقد ذكر الولاية والمحبة فقال : والله ما يضيع ذلك لمن اعتقده . ولقد رأيتُ فلاناً في المنام وذكر رجلاً ظاهرياً غالياً في مذهبه إلا أنه كان متصلاً بالقائم صلوات الله عليه وكانت له عليه نعمة قال: فرأيته في المنام بعد أن مات فقلتُ : ماذا صرتَ إليه ؟ فقال : انتفعتُ والله بمحبتي للقائم عليه السلام . قال له بعض من حضر : أفترى ذلك ينجيه و هو على ما كان عليه ؟ فقال لا والله ، ولكنه كما قال ينفعه بعض النفع .
قال : ورأيتُ فلاناً – يعني بعض الأولياء- كان له تخليط ثم حسنت حاله وغناؤه وجهاده ، واختصه المنصور بالله صلوات الله عليه ، ثم مات بعده ، قال المعز لدين الله (ص) فرأيتهُ بعد أن مات بليلة وقد مر بي فدعوته فنظر إلي وكأنه في غمرة وشدة ، فقال لما دعوتُ به : دعني أما ترى ما أنا فيه ؟ قال: فأصبحتُ وقد غمني له ما رأيتُ من ذلك فلما كانت الليلة الثانية رأيتهُ في أحسن حال وأقبل إلي ضاحكاً ، فقلتُ : ما حالك ، وماذا صرتَ إليه ؟ فقال: إلى خير والحمد لله ، ما خلق الله في الخلق مثل أبيك و الله ما زال بي حتى خلصني قسراً من شدة شديدة وأمر عظيم ) انتهى .
فهذه هي الباطنية ، وهذا هو "النعمان" الذي تحدث عنه الأستاذ حسن زيد .. باعتداله وقربه من المذاهب الإسلامية المشهورة .
من مظاهر التمرد الجماعي من أبناء الطائفة على سلطة المذهب ([73]) :
(1) حركات التمرد في الهند :
ظهرت بعض الدعوات الإصلاحية في الهند من طبقة المثقفين والتجار ، على أمل أن تنال الطائفة ( البهرية ) بعض الحرية الآدمية من قبل السلطان ، وكان ذلك في عهد زعامة ( طاهر سيف الدين ) فكان أن جرت عليهم هذه المحاولة ألواناً من التعسف والتنكيل ، وبصورة تفوق الوصف ، وذكر أن عدداً من المصلحين ضربوا ضرباً مبرحاً . بينما كانوا مجتمعين للتباحث في بعض الأمور حتى أن عائلات هؤلاء وأطفالهم لم يسلموا من الأذى ، وأعلن الداعي عليهم الجهاد ، وطالب أفراد طائفته بمقاطعتهم بقسوة ، وهدد كل من يقف إلى جانبهم ، أو يتفوه بكلمة عطف تجاههم بأن يتعرض لنفس المصير حتى أن (1200) شاب من المصلحين لم يستطيعوا الزواج لأن الداعي فرض عليهم حصاراً ، بإيقافه إصدار تصاريح الزواج ، كل هذا حصل بسبب أن هؤلاء الشباب طالبوا بحقهم في إقامة جمعيتهم التي تنادي بالإصلاح وخدمة المحرومين ، والمقاطعة الشعبية الاجتماعية من أمضى الأسلحة في يد الداعي وقد استغلها بكل خبث ولؤم .
وقد ابتكر سلاحاً أشد مضاءً من سلاح المقاطعة الجماعية ويسمى البارات ، وتطبيقه أشد بكثير على الفرد من تطبيق قانون المقاطعة الجماعية بكثير ، فالذي يصدر بحقه هذا القرار يعاقب عقاباً نفسياً ، بالإضافة إلى أنه يجبر جميع الناس بالقوة حتى أقرب المقربين إليه على قطع علاقاتهم به ، وقد تسببت البارات في انهيار عائلات بأكملها ، وكل من يقوم بالاحتجاج حالياً ضد أي فرد من أفراد العائلة الحاكمة لا بد له من الاعتذار تحت تأثير التهديد بالبارات ، وكلمات الاعتذار بحد ذاتها فيها إهانة كبيرة للكرامة والنفس البشرية .
إلى الصحفيين :
هناك صحفيون يدافعون عن الإثنى عشرية والباطنية بدون علم بحقيقة واقعهم رغم أنهم يزعمون الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الكلمة والرأي ، فهم لا يدرون كيف يعيش الإسماعيلية ذل الخنوع لإمامهم خلافاً لتعاليم الإسلام الحنيف.
وخلاصة القول : أن الإسلام هو أول من نادى بالمساواة الاجتماعية لجميع الناس ، وبعد ثلاثة عشر قرناً من الزمان يوجد هناك من يدعون الإيمان والإسلام ويقومون بإهانة الكرامة الإنسانية باسم الإسلام.
والمطلوب من جميع الجمعيات الإسلامية الوقوف في وجه هذه الانحرافات الخطيرة.
(2) حركة التمرد في اليمن :
لقد شعر اليمنيون بالظلم من خلال التمييز العنصري ، ونظرة الاحتقار الدونية التي يلاقونها من زعماء الطائفة والتي تجعلهم في درجة أقل من الهندي الداودي.
وقد وقعوا محضر بدخولهم المذهب الزيدي وخروجهم من المذهب الباطني ذاكرين أسباب خروجهم .
من مظاهر التحرر الفردي في اليمن :
ظهرت في اليمن حالات من التمرد الفردي ، تمثلت بصورة أوضح من خلال شخصيتين خطيرتين من زعماء الطائفة ونوابها الكبار وهما الشيخ النائب : حسن النائب ، والشيخ النائب/ غالب علي محسن العزب . [ انتهى من كتاب الشيعة الإسماعيلية رؤية من الداخل ] .
وأما قول الأستاذ / حسن زيد .. في تبرير دفاعه عن الإسماعيلية أن كتاب ( دعائم الإسلام ) تأليف أقضى قضاة المعز النعمان بن محمد بن حيون التميمي المغربي ليس بينه وبين المذاهب الإسلامية الأخرى إلا فروق في الفروع .
فبالرغم من أن الكتاب لا يخلو من تأويل للآيات وحملها على غير محاملها في حكم الإمامة ، وسَير مؤلفه على نهج الرافضة في مسألة الغلو في الأئمة ، وجرح الأصحاب بأسلوب وبآخر وامتلائه بالأحاديث المختلفة . إلا أن هذا الكتاب لا يُخفي حقيقة ما كتبه النعمان نفسه قبل غيره في مذهب الإسماعيلية من أصول وطامات و تأويلات تقشعر لها الأبدان في عدد من مؤلفاته . مثل :
[تأويل الدعائم ، تأويل الشريعة ، المجالس والمسايرات ، أساس التأويل ]وغيرها من مؤلفاته .
وما الذي يمنع من التقية أحياناً وهو دينهم دائماً ؟! وسوف أنقل للأستاذ القدير حسن زيد .. بعض النماذج ليعرف أو يتأكد إن كان يعلم ذلك ، وقد سبق الكثير من ذلك والمكرر أحلى.
نعم إن هناك أمراً لا بد من الإشارة إليه إنصافاً للأستاذ حسن ، والقاضي النعمان كذلك . بأن كتاب "الدعائم" هو أخف كتب المؤلف ضلالاً ، وأن النعمان إذا ما قِيس بأئمة الدعوة الإسماعيلية الآخرين كجعفر بن منصور اليمن مثلاً يعتبر من أخفهم تأويلاً رغم تأويلاته الباطنية التي لا حصر لها .
وقد حاول النعمان في مطلع كتاب ( أساس التأويل ) أن يثبت التأويل الباطني الذي يعني : صرف اللفظ عن ظاهره بغير قرينة .. ببعض آيات من القرآن تتكلم عن التأويل ـ يعني التفسير ـ أو ما يؤول إليه الأمر . وقال عن القرآن : ( فجعل عز وجل ظاهره معجزة رسوله ، وباطنه معجزة الأئمة من آل بيته لا يوجد إلا عندهم ، ونسب حديثاً موضوعاً إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : ( ما نزلت علي من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن ) ([74]).
وأوَّل قوله تعالى : ( وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً ) فقال: فالطريقة هي النبي الناطق في زمانه ، والإمام في أوانه من بعده والماء الغدق هو العلم الغزير .
وقال : فالناطق هو صاحب الشريعة ، والصامت هو أساس الشريعة في عهد الناطق وصاحب تأويلها ([75]) .
وتأوَّل كلمة التوحيد بما يخرجها عن معناها ([76]). وتكلم عن السبعة الطلقاء ، والسبعة الأئمة ، و الإثنى عشر إلى أن يقول في تفسير كلمتي الشهادة : ( شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) فالسبعة ، والإثنى عشر مجموعهم تسعة عشر وهم الذين عناهم الله بقوله ( عليها تسعة عشر ) وقد جمعتهم الشهادة فمن عرفهم واعتقد بولايتهم وعمل بما أخذه عنهم فهو مؤمن من أهل الجنة مقبول الشهادة الخ ([77]) .
وهذه الأمثلة من التأويلات قطرة من بحار هذا الكتاب ولم يقتصر تأويل النعمان للقرآن فيما يتعلق بالإمامة وصرف نصوصه إلى رأس مال الإمامية والإسماعيلية . وهي مسألة الإمامة ، بل تأول ما جاء في القرآن عن الأنبياء السابقين ـ عليهم السلام ـ بنفس الأسلوب ، وهذا يعطي القارئ عدم الحكم على من يستخدمون التقية من الإسماعيلية والرافضة من موقف واحد أو تصريح أو مؤلف بل لابد من الاستقصاء.
وأقول : حتى لو سلمنا أن النعمان ما ذكر إلا خلافات جائزة بين أصحاب المذاهب لما كفى فقد ذكر غيره ممن هم مختصون بالتأويل كجعفر اليمني ، فإن التقية تجعلهم يختلفون من كتاب أو مجلس أو مكان إلى آخر وكل ذلك عندهم دين .
فإذا أضيف إلى ذلك أن النعمان ألَّف كتاب (الدعائم) أساساً للفقه والشريعة ، وأساس التأويل للفلسفة الباطنية . فالكتابان مرتبطان تمام الارتباط كما يقول الدكتور عارف تامر في( مقدمة أساس التأويل ص 9 ) إذا كتاب الأساس تأويل للدعائم ، والتأويل إبطال للكتاب وجرى على المنهج الباطني .
وأخيراً بالرجوع إلى كتب الإسماعيلية ككتب النعمان التميمي ، وجعفر اليمني ، والكرماني والداعية إدريس ، والافتخار للسجستاني ، وتاريخ الدعوة الإسماعيلية ، والحركات الإسماعيلية للدكتور عارف تامر ، ومؤلفات الشيرازي ... وغيرهم من الباطنية .
وما كتبه غير الإسماعيلية من المستشرقين والمسلمين سيعرف كيف يَحكم على القوم ، وأن بينهم وبين حقيقة الشريعة حجاباً مستوراً من التأويلات والتحلل من أحكامها .
أكتفي بهذا القدر من الحوار الهادئ مع الأستاذ / حسن محمد زيد .. حول فرق الانحراف التي هو أرفع من أن يدافع عنها ، وعليها الدفاع عن نفسها بالبرهان .
وأنا لا أخفي مع احترامي للأخ حسن زيد .. استغرابي من صحيفته (الأمة ) كيف تكثر فيها المواضيع المدافعة بالباطل من بعض جهلة الكتَّاب عن الباطنية والرافضة بأساليب تدل على الجهل والعصبية والتحالفات المنهارة مع تلك الفرق . وإلا كيف يدور ( الحوار رحمة الاختلاف ) في صفحات الأمة مع ( الحوار الهادئ ) ثم في نفس العدد يكتب كتَّاب وهميون أو حقيقيون كالشعبي والعياني سباً وشتماً مقذعين .
وإلى الساعة لم أدر ما جدوى دفاع الأستاذ/ حسن زيد .. عن فرق تلتهم المذهب الزيدي التهاماً ، وهي مليئة بالضلال والدفاع عنها مجال قد يخطر على بالي أنه إن أمكن الحوار واحتيج إليه فسيكون بأدب ورحمة بين السلفيين والزيدية المعتزلة حول ما بينهما عبر التاريخ من خلاف في مسألة الصفات ، والقدر ، والرؤية ، ونفي القول بخلق القرآن ، وحكم مرتكب الكبيرة ... مع تجاوز مسائل الفروع والأخذ بالأحوط ، أما الدفاع عمَّن ضللهم الزيدية ، وكفَّروا الزيدية كذلك كالرافضة فما هو دفاع التقريب فالمسافة شاسعة بينهما ، وأقرب مسافة هي بين السلفية والزيدية المعتدلة ، والله أعلم .
([2]) زهر المعاني للداعي المطلق إدريس : ص 77 من المنتخب لإيوانوف .
([3]) من ديوان زهرة بركات الأقمر الأنيقة : ص 133 .
([4]) المصدر السابق : ص 30 .
([5]) من كتابه زهر المعاني : ص 160 تحقيق مصطفى غالب .
([6]) الشيعة الإسماعيلية رؤية من الداخل : ص 147 .
([7]) الرسالة المذهبة : ص 75 .
([8]) تأويل الدعائم للنعمان : 2/108 .
([9]) الشيعة الإسماعيلية رؤية من الداخل : ص 44 .
([10]) المصدر السابق : ص 45 .
([11]) المصدر السابق : ص71 .
([12]) المصدر السابق : ص71 .
([13]) المصدر السابق :ص72 .
([14]) المصدر السابق : ص73 .
([15]) المصدر السابق :ص75 .
([16]) المصدر السابق : ص76.
([17]) المصدر السابق : ص78 .
([18]) المصدر السابق : 81 .
([19]) المصدر السابق : 82 .
([20]) المصدر السابق : ص 85 .
([21]) السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار : 4/578 .
([22]) كتاب التوحيد لصالح الفوزان : ص 26 ، 27 ، وفقه السنة لسيد سابق : 2/603 .
([23]) الروضة للنووي : 1/64 ، وانظر : البحر الزخار : 5 / 523- 528 .
([24]) من مقدمة أساس التأويل للدكتور عارف تامر : ص 6 .
([25]) المصدر السابق : ص 7 .
([26]) المصدر السابق : ص9 .
([27]) المصدر السابق : ص 92 .
([28]) أساس التأويل : ص 306 .
([29]) المهدي صاحب الزمان : هو القائم المنتظر صاحب القيامة الكبرى .
([30]) أول الخلفاء بعد النبي وهو أبو بكر الصديق.
([31]) عمر.
([32]) الفراعنة : الجماعة الذين أيدوا الفئة التي اغتصبت حق الإمام علي بن أبي طالب في الخلافة بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ .
([33]) قائم الحق هو : المهدي المنتظر في السرداب .
([34]) الهاطعة : هطع هطعاً وهطوعاً : أسرع مقبلاً خائفاً ، المهطع : من ينظر في ذل وخضوع والمقصود يكون الذل والخضوع على أهل الإلحاد .
([35]) الحجة : أطلق هذا الإسم أو اللقب أول الأمر على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب باعتباره حجة الله في أرضه ثم منحت هذه الرتبة لولي عهد الإمام ، وبتطور الدعوة مع الزمن وحسب الظروف أطلقت على أكبر الحدود وأفضلها فعرف الكرماني بحجة العارفين الخ أي حجة الإمام صاحب الزمان في عصره وتلي هذه المرتبة مرتبة الباب ومباشرة ويجوز أن تعطى البابية والحجية لشخص واحد وفي أغلب الأحيان يكون ولي العهد صاحبها .
([36]) الذرية : أي أل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من صلب الإمام علي عليه السلام وفاطمة .
([37]) أبو بكر.
([38]) عمر.
([39]) عثمان .
([40]) طلحة .
([41]) أصحاب الجمل والنهروان .
([42]) أصحاب معاوية وبني أمية .
([43]) الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
([44]) محمد بن أبي بكر : أمه أسماء بنت عميس الخثعمية ، ومنها عقب جعفر بن أبي طالب وخلف عليها حين استشهد عبد الله وعوناً ومحمداً فقال عون ومحمد ابنا جعفر بالصف مع الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وتزوجها بعده أبو بكر فخلف منها محمداً ثم تزوجها علي بن أبي طالب فأولدها أولاداً درجوا ولا عقب له منها ، وكان محمد بن أبي بكر من الذين ثاروا على عثمان سنة 35
([45]) مقدمة أساس التأويل : ص 6 .
([46]) انظر : كنز الولد : ص 286 لإبراهيم الحامدي ، تحقيق مصطفى غالب .
([47]) كتاب الهفت الشريف : ص 40 . وهذا الكتاب يتضمن ما وضعه الدجال الإسماعيلي المفضل بن عمر الجعفي الصادق . تحقيق د/ مصطفى غالب .
([48]) سورة القصص : 42 .
([49]) الهفت الشريف : ص 40 .
([50]) زهر المعاني لإدريس عماد الدين : ص 74 من المنتخب لإيوانوف .
([51]) إثبات النبوات للسجستاني : ص 6 . المطبعة الكاثوليكية بيروت .
([52]) انظر : كنز الولد لإبراهيم الحامدي : ص 208 .
([53]) الرسالة المذهبة للنعمان بن محمد : ص 31 .
([54]) ديوان المراثي والمدائح في جزء يسمى (زهرة بركات الأقمر الأنيق ) لسنة 1409هـ المشرق منها (أنواع معالي الهدى) لسنة 1409هـ : ص 135 .
([55]) الكشف : ص 53 .
([56]) الكشف : ص 105 .
([57]) المصدر السابق : ص 121 .
([58]) المصدر السابق : ص 109 .
([59]) المصدر السابق : ص 86 .
([60]) المصدر السابق .
([61]) المصدر السابق .
([62]) الرسالة الوضية : ص41 .
([63]) المصدر السابق : ص 41 .
([64]) أنظر الأشعري : مقالات الإسلاميين ، تحقيق : محمد محي الدين عبد الحميد ، الطبعة الثانية 1985، ج1، ص 320 ).
([65]) الرسالة الوضية : ص36- 39
([66]) لعل أول من أوردها الحمادي في كتابه كشف أسرار الباطنية (ص100 ـ 101) ، وتداولها كثير من المؤرخين منهم: ابن سمرة الجعدي في طبقات فقهاء اليمن(ص75) ، والجندي في السلوك في طبقات العلماء والملوك (1/237) ، ونشوان الحميري الحور العين (ص199) ، والأهدل في تحفة الزمن في تاريخ اليمن (ص158) ، وابن الديبع في قرة العيون (ص195) .وكذلك : المعري في رسالة الغفران ونسبها إلى الصناديقي ، والمقريزي في إيقاظ الحنفاء .
أما التشكيك في هذه القصيدة بسبب الاضطراب في قائلها ومكانها فلا يؤثر على موضوع القصيدة ، ولا ينفي صِحَّة ما قيل في نِحلة ابن الفضل الباطنية التي اشتهر بها ، بل كلام المؤرخين في مذهبه الباطني محل اتفاق.
([67]) السلوك في طبقات العلماء والملوك ، وتحفة الزمن للأهدل ، وقرة العيون في أخبار اليمن الميمون لابن الديبع وغيرها .
([68]) سياسة الفاطميين الخارجية للدكتور جمال الدين سرور : ص 74 ـ 79 .
([69]) ديوان المؤيد في الدين داعي الدعاة : ص 70 .
([70]) المصدر السابق : ص 70 .
([71]) كتاب المجالس والمسايرات للقاضي النعمان بن محمد : ص 72 ـ 84 .
([72]) المجالس والمسايرات للنعمان : ص 87 .
([73]) بتصرف من كتاب الشيعة الإسماعيلية رؤية من الداخل لعلوي طه الجبل : ص 134- 207 .
([74]) أساس التأويل : ص 30 ـ 33 .
([75]) المصدر السابق : 39 ـ 40 .
([76]) المصدر السابق : 38 ـ 39 .
([77]) المصدر السابق : 46 ـ 47 .
عن شبكة الدفاع عن السنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق