لمن لا يعلم ( هؤلاء هم المكارمة الاسماعيلية)
عقيدتهم في الله:
إن الإسماعيلية المكارمة يعتقدون بأن الله لا يوصف بوصف، ولا يسمى بإسم، مخالفين في ذلك صريح القرآن والسنة، بزعمهم أن ذلك تنزيه وتجريد. وانظر إلى الداعي الإسماعيلي إبراهيم الحامدي وهو يجرد الله من الاسم والصفة فيقول :"فلا يقال عليه حياً، ولا قادراً، ولا عالماً، ولا عاقلاً، ولا كاملاً، ولا تاماً ولا فاعلاً، لأنه مبدع الحي القادر العالم التام الكامل الفاعل، ولا يقال عنه ذات لأن كل ذات حاملة للصفات" (كنز الولد 13،14). وقال الداعي الإسماعيلي السليماني ضياء الدين: "الحمد لله المتعالي عن السماء والاسماء، والمتقدس أن يكون له تعالى حد أو رسم" (مزاج التسنيم: 5). ويقول الداعي الكرماني:"إنه تعالى لا ينال بصفة من الصفات" (راحة العقل 135) وهذه العقيدة متفق عليها بينهم.
ثم إنهم بعد نفي الأسماء والصفات عن الله تبارك وتعالى مع كونه –عندهم- لا موجود ولا معدوم فاحتاجوا إلى أن يخترعوا أو يختلقوا آلهة أخرى لإطلاق الأسماء والصفات التي ورد ذكرها في القرآن والسنة عليهم فقالوا: "إن جميع صفات الشرف والجلالة وما يعبر به في جميع اللغات من الإشارات بنعوت الإلهية فإنها واقعة على العقل الأول" (رسالة المبدأ والمعاد 101). وقال الكرماني: "إن اسم الآلهية لا يقع إلا على المبدع الأول" (راحة العقل 195).
والعقل الأول أو المبدع الأول في اعتقاد الإسماعيلية هو الذي رمز له القرآن بالقلم في الآية الكريمة : ]ن* والقلم وما يسطرون[، وهو الذي أبدع النفس الكلية التي رمز لها في القرآن أيضا باللوح المحفوظ، ووصفت بجميع الصفات التي للعقل الكلي، إلا أن العقل كان أسبق إلى توحيد الله فسمي بـ"السابق" وسميت النفس بـ"التالي"، وبواسطة العقل والنفس وجدت جميع المبدعات الروحانية والمخلوقات الجسمانية من جماد وحيوان ونبات وإنسان، وما في السماوات من نجوم وكواكب" (انظر الثائر الحميري لمصطفى غالب الإسماعيلي) ومن عقائد الإسماعيلية أن العقل الأول يماثله في العالم السفلي الناطق، كما يماثل العقل الثاني أو التالي الأساس (انظر راحة العقل للكرماني 356) وقال السجستاني: " منزلة الرسول في العالم الجسماني كمنزلة السابق في العالم الروحاني" (إثبات النبوءات 57).
وبناء على ذلك كل الأسماء والصفات التي أطلقت على الموجود الأول أو العقل الكلي أو السابق أو بقية العقول هي للناطق، والأساس، ولمن قام مقامها من الأئمة في العالم السفلي، أو حتى اسم الجلالة يقع عليه لأن كل خصائص العقل الأول جعلت للإمام (انظر مقدمة راحة العقل لمصطفى غالب الإسماعيلي 40). لأن من عقيدتهم أن الله أقام هذين العالمين " العلوي والسفلي" بعشرة حدود كاملة، خمسة حدود جسمانية، وخمسة حدود روحانية، فالحدود الجسمانية أو الارضية هم : النبي، والوصي، والإمام، والحجة، والداعي. ويقابل كلا منهم: السابق، والتالي، والجد، والفتح، والخيال. وهي ما أسموها بالحدود الروحانية (انظر الحركات الباطنية لمصطفى غالب الإسماعيلي 118،119).
وعلى ذلك نقلوا –كذبا- عن محمد الباقر أنه قال: " ما قيل في الله فهو فينا، وما قيل فينا فهو في البلغاء من شيعتنا" (كنز الولد للحامدي 195). وأصرح من ذلك ما قاله الداعي جعفر بن منصور اليمن: "فكل قائم في عصره فهو اسم الله الذي يدعى به في ذلك العصر كما قال عز وجل: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها[ (الكشف109). لذا قال الحامدي: "إن عليا هو الله الخالق البارئ المصور" (انظر كنز الولد 221). وذكر المؤيد الشيرازي بأن عليا رضي الله عنه قال وهو على منبره: "أنا الأول، وأنا الآخر، وأنا الظاهر، وأنا الباطن، وأنا بكل شيء عليم، وأنا الذي رفعت سماءها، وأنا الذي دحوت ارضها، وأنا الذي أنبت أشجارها، وأنا الذي أجريت أنهارها" (المجالس المؤيدية 147). يعني أن عليا هو الرب الحقيقي المتصف بصفاته، والمتحلي بنعوته، وكذلك الأئمة من ولده، لأنه يماثل العقل الثاني أو التالي أو اللوح المحفوظ، كما كان الرسول يماثل السابق، أو العقل الأول. نعم هذا ما يعتقدونه.
كما ذكر الداعي إدريس المكرمي نقلا عن علي أنه قال: "أنا اللوح المحفوظ… أنا أهلكت القرون، وأن ميتنا لم يمت وقتيلنا لم يقتل، ولا نلد ولا نولد" (زهر المعاني 76). وقال جعفر بن منصور اليمن مبينا الرب في قوله تعالى: ]وجوه يومئذ ناضرة[ يعني مشرقة ]إلى ربها ناظرة[ يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه" (الكشف 37).
هذا وان الألوهية ليست بمقتصرة على الناطق والاساس، أي على النبي والوصي حسب زعمهم، بل إن الأئمة كلهم من أولاد علي وآبائه يملكون اختيارات الألوهية، ويتحلون بأوصاف الربوبية. فنقلوا –كذباً- عن أبي الباقر جعفر أنه سئل عن صفة الرب فقال: "خمس كلمات: الله أحد، محمد الصمد، فاطمة لم تلد الحسن، ولم يلد الحسين، ولم يكن لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب كفو أحد". (الشموس الزاهرة حاتم إبراهيم 36). وأما عبدالمطلب فقد قالوا فيه:
وهو الذي به المتم قد غلب
وكان رب الوقت عبدالمطلب
(القصيدة الصورية للداعي الصوري 56).
وقد قال علي بن سليمان المكرمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " أنه رب العرش العظيم، وأن أبيه هو النبأ العظيم" (حياة الأحرار مخطوطة 13).
فبناء على ما تقدم فإن الشيرازي الإسماعيلي لا يرى بأسا بإطلاق الابوة على الله المتعالي، ولا بإضافة النبوة إليه فيقول: " نقول في أقوالهم في المسيح: أنه ابن الله، والحواريين أنهم أبناء الله، فإنه لا روعة في هذا القول إلا عند أهل الجهل الذين لم يرتعوا في مراتع العلم" (المجالس المؤيدية 147،148).
النقد: إن هذه الآراء مستقاة من الفلسفة الافلاطونية فهي قد جردت الله –تعالى عما يقولون- من كل صفة، وصرفتها إلى أول مبدع وهو العقل الأول. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنهم لا يثبتون إلا وجوداً مطلقاً لا حقيقة له عند التحصيل، وإنما يرجع إلى وجود في الأذهان، يمتنع تحققه في الأعيان. فقولهم يستلزم غاية التعطيل وغاية التمثيل؛ فإنهم يمثلونه بالممتنعات والمعدومات، ويعطلون الأسماء والصفات تعطيلاً يستلزم نفي الذات… إذ سلب النقيضين كجمع النقيضين كلاهما من الممتنعات. (الفتاوى ج3/7,8).
ولاشك أن قولهم هذا شرك في الاعتقاد والخلق، يخالف تماماً مفهوم الإسلام للوحدانية والتي أكدتها آيات القرآن الكريم في مثل قوله تعالى: ]ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون[ (المؤمنون 91) وقوله تعالى: ]وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون[ (النحل 51).
عقيدتهم في النبوة نوجزها في النقاط التالية:
1- النبوة مكتسبة، وأن الإنسان يستطيع أن يصبح نبياً بعد الارتياض والمجاهدة. حيث قالوا –بعد ذكر الصفات اللازمة من أجل اكتساب النبوة: "إذا اجتمعت هذه الخصال في واحد من البشر، في دور من أدوار القرانات في وقت من الزمان، فإن ذلك الشخص هو المبعوث وصاحب الزمان (رسائل إخوان الصفا ج4/129).
2- أنها فيض يفيض من أحد العقول العشرة. حيث قالوا: " إن الشريعة الإلهية جبلة روحانية تبدو من نفس جزئية في جسد بشري بقوة عقلية تفيض عليها من النفس الكلية" (رسائل إخوان الصفا ج4/129).
3- أن الرسول تعلم من بشر وليس من جبريل. لأن جبريل عند الإسماعيلية ليس بملك، بل هو عبارة عن أحد العقول العشرة، أو تعلم عن الخيال، أو البشر الذي يزعم الإسماعيلية أنه كان يعلم الرسول r –نعوذ بالله من هذا الكفر-، فقالوا: "وكان العقل العاشر هو المحتجب لمحمد r المؤيد له الناظر إليه المدد له بواسطة الجد والفتح والخيال عند كماله وبلوغه رتبة الحجابية، لأن كل ناطق ووصي وإمام لا بد له من التعليم والترقي رتبة رتبة كما قال تعالى: ]والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً[، فكان محمد r آخذا من أبي بن كعب في حال تعليمه ابتداء وهو المكنى عنه بجبرائيل" (الأنوار اللطيفة للداعي طاهر الحارثي 126،127). بل زادوا في الجرأة وقالوا: أن النبي r لم يقمه على منصب النبوة، ولم يبعثه إلا أبو طالب (انظر الأنوار اللطيفة للحارثي 160،161). كما أنه لم يوح إليه، ولم يعلمه، ولم يفده ويبصره إلا أبي، وميسرة، وزيد بن حارثة، وعمرو بن نفيل، وبحيرة الراهب، مع حجة أبي طالب خديجة رضي الله عنها (انظر كنز الولد للحامدي210، والمجالس المستنصرية25، وأجزاء من العقائد الإسماعيلية للداعي إبراهيم 72) فمحمد صلوات الله عليه وسلامه في معتقدهم هو رسول الرب أي أبي طالب، وموحى إليه من قبل أبي وغيره، ومعلم من قبل خديجة –عياذا بالله-.
4- أن القرآن ليس كلام الله، بل من كلام الرسول المركب من خطرات النفس. يقول السجستاني: "إن القبول قبولان: قبول سمع، وقبول وهم، فالقبول السمعي يكون بالكلام، والقبول الوهمي يكون بالخطرات، والكلام يكون من المتكلم في آلات الكلام، والخطرات من متفكر في خزائن العقل… فصح من هذه الجهة أن قبول الرسل قبول وهمي، يخطر في أفئدتهم وما أرسلوا به، ثم يؤدون إلى الأمم بلسانهم ولغتهم" (إثبات النبوءات147،148).
5- أن دعوة الرسول r ، ومن سبق من الأنبياء كانت إلى علي، وهو مرسل الرسل، وكان يفضل محمداً r، بل كان مولى له، وهو عبده: نقل إبراهيم الحامدي عن جعفر بن منصور اليمن أنه قال: " إن الله لا يقبل توبة نبي، ولا اصطفاء وصي، ولا إمامة ولي، ولا عمل طاعة من عامل ولو تقطع في العبادة واجتهد إلا بولاية علي ابن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه. فمن أتى بغير ولاية علي… أسقطت نبوته… فكما أن الله واحد أحد، فرد صمد لا شريك معه في ملكه، ولا صاحبة ولا ولد، كذلك مولانا علي عليه السلام واحد في فضله، أحد فرد صمد لا شريك له فيه، وليس له كفوا أحد" (كنز الولد للحامدي 218). وقالوا: "وعلي هو الحائز لرتبة الظاهر والباطن" (المسائل المجموعة 130). وقالوا: "ومعلوم أن محمداً r لم يحز إلا رتبة الظاهر فقط" وأكثر من ذلك: " أن محمداً كان مؤيداً بعلي" (المجالس المؤيدية للشيرازي). وقالوا عن علي: "إنه هو مجمع الأنبياء والأولياء والأئمة من أول الأدوار إلى قيامه (الأنوار اللطيفة 125،126). وهو الذي قال عنه الرسول –كما يكذبون عليه-: "علي أبو عترتي، وساتر عورتي، ومفرج كربتي، وغافر خطيئتي" "وإنه كان مولى رسول الله، والرسول عبده" (سرائر النطقاء لجعفر بن منصور اليمن 209 مخطوط). اللهم إني أعوذ بك من نقل هذه الكلمات الكفرية.
النقد: إن هذه العقائد مخالفة صريحة لنصوص القرآن وصريح السنة، مبنية على الكفر المحض.
فالنبوة اصطفاء من الله، وليست اكتساب، قال تعالى: ]الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس[ (الحج 75) والقرآن كلام الله، قال تعالى: ]إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي[ (الأعراف 144). والله قد أوحى إلى جبريل بالوحي ليتنزل به على محمد r، ولم يتعلم النبي r من البشر، قال تعالى: ]ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر[ (النحل 103). فهم ]يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنّا يؤفكون[ (التوبة 30).
وعلي رضي الله عنه داخل في أمة محمد r، وتابع له، قال تعالى: ]ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً[. (الأحزاب 71). والرسول r شاهد على الأمة قال تعالى: ]ويكون الرسول عليكم شهيداً[ (البقرة 143). ودعوة الرسول r إلى توحيد الله وعبادته، قال تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فأعبدون[ (الأنبياء25).
وأخيراً نقول إن قولهم أن النبوة فيض، ما هو إلا استمداد من الفلسفة الأفلاطونية، وامتداد لقولهم في الألوهية.
عقيدتهم في الوصاية والإمامة:
قولهم في الوصاية:
يعتقد بعض الإسماعيلية أن الوصي أفضل من النبي، والبعض الآخر يقول بالمساواة بينهما، ويقولون: بأن لكل نبي وصي، ولا يعدون الوصي إماماً، بل هو فوق الإمام، فالإمامة شيء، والوصاية شيء آخر.
ووصي رسول الله " هو علي، يقول الكرماني: "إن الوصي أول منصوص عليه من الحدود في الدورة والدعوة إلى التوحيد. فهو من حيث كونه كاملاً لا فرق بينه وبين الناطق" (راحة العقل ص216).
ولكن هناك من يعتقد من الإسماعيلية أن علياً افضل من النبي لأنه هو مقصود الدعوة ومرادها. قال جعفر بن منصور اليمن:" ]وصدوا عن السبيل[ يعني صدوا عن علي، وهو السبيل الذي لا تقبل العبادة إلا باتباعه" (الكشف 175).
وأكثر من ذلك ما يروونه أن الرسول r قد صدر عنه الذنوب بدليل قوله تعالى: ]ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر[، وأن علياً لم يصدر منه ذنب مطلقاً" (تأويل الزكاة لجعفر بن منصور اليمن ص 149 مخطوط). وقالوا: " ولاية علي حسنة لا يضر معها سيئة" (كنز الولد للحامدي ص221). وقالوا: "علي هو المبين مشكلات ما أتى به الرسول r" (الأزهار ص715). وقال الشيرازي: "لولا الوصي عليه السلام لما كان للمعارف الإلهية وجود". (المجالس المؤيدية 144).
قولهم في الإمامة:
ومختصره في النقاط التالية:
1/ أن الإمامة أصل من أصول الإسلام وأساسه، وأفضلها. قالوا: بني الإسلام على سبع دعائم: الولاية وهي أفضلها وبها وبالولي يوصل إلى معرفتها، والطهارة، والصلاة والزكاة، والصوم والحج، والجهاد. (دعائم الإسلام للقاضي النعمان ج1ص2، وتأويل الدعائم ج1ص51).
2/ الإمام مفروض الطاعة. قال المعز: "إن الله قد فضلنا، وشرفنا، واختصنا، واجتبانا، وافترض طاعتنا على جميع خلقه" (المجالس والمسايرات للقاضي النعمان ج19 ص420).
3/ ولا تخلو الارض من إمام أبداً، ظاهر أو مستور. قال الداعي حسن بن نوح: " إن الأرض لا تخلو طرفة عين من قائم بحق لهداية عباد الله، وخلقه، إما ظاهراً مشهوراً أو باطناً مستوراً" (الأزهار ص189).
4/ ولا يكون أحد إماما إلا من أولاد علي، الحسن والحسين، ثم في أولاد الحسين، لا في أولاد الحسن، ثم في أولاد إسماعيل، لا في أولاد أحد غيره. (انظر دعائم الإسلام ج1 ص28، والمصابيح في إثبات الإمامة للكرماني ص109).
5/ كل واحد منهم معصوم (المصابيح في إثبات الإمامة ص96،97، والمجالس والمسايرات ج7 ص183).
6/ يجب أن يكون الإمام منصوص عليه، ومعينا من قبل الله عز وجل. (المجالس والمسايرات ج7 ص183).
7/ ويكون الإمام افضل ممن سبقه. قال النعمان: "لا يأتي إمام إلا أعطاه الله فضل الإمام الذي مضى قبله، وعلمه، وحكمته، وزاده مثل ستة أسباع
- الموضوع من منتدى الساحات السعودبة لكاتبة ( الصايل الثاتى) وقد نقلتة للنفع العام لكافة المسلمين
عقيدتهم في الله:
إن الإسماعيلية المكارمة يعتقدون بأن الله لا يوصف بوصف، ولا يسمى بإسم، مخالفين في ذلك صريح القرآن والسنة، بزعمهم أن ذلك تنزيه وتجريد. وانظر إلى الداعي الإسماعيلي إبراهيم الحامدي وهو يجرد الله من الاسم والصفة فيقول :"فلا يقال عليه حياً، ولا قادراً، ولا عالماً، ولا عاقلاً، ولا كاملاً، ولا تاماً ولا فاعلاً، لأنه مبدع الحي القادر العالم التام الكامل الفاعل، ولا يقال عنه ذات لأن كل ذات حاملة للصفات" (كنز الولد 13،14). وقال الداعي الإسماعيلي السليماني ضياء الدين: "الحمد لله المتعالي عن السماء والاسماء، والمتقدس أن يكون له تعالى حد أو رسم" (مزاج التسنيم: 5). ويقول الداعي الكرماني:"إنه تعالى لا ينال بصفة من الصفات" (راحة العقل 135) وهذه العقيدة متفق عليها بينهم.
ثم إنهم بعد نفي الأسماء والصفات عن الله تبارك وتعالى مع كونه –عندهم- لا موجود ولا معدوم فاحتاجوا إلى أن يخترعوا أو يختلقوا آلهة أخرى لإطلاق الأسماء والصفات التي ورد ذكرها في القرآن والسنة عليهم فقالوا: "إن جميع صفات الشرف والجلالة وما يعبر به في جميع اللغات من الإشارات بنعوت الإلهية فإنها واقعة على العقل الأول" (رسالة المبدأ والمعاد 101). وقال الكرماني: "إن اسم الآلهية لا يقع إلا على المبدع الأول" (راحة العقل 195).
والعقل الأول أو المبدع الأول في اعتقاد الإسماعيلية هو الذي رمز له القرآن بالقلم في الآية الكريمة : ]ن* والقلم وما يسطرون[، وهو الذي أبدع النفس الكلية التي رمز لها في القرآن أيضا باللوح المحفوظ، ووصفت بجميع الصفات التي للعقل الكلي، إلا أن العقل كان أسبق إلى توحيد الله فسمي بـ"السابق" وسميت النفس بـ"التالي"، وبواسطة العقل والنفس وجدت جميع المبدعات الروحانية والمخلوقات الجسمانية من جماد وحيوان ونبات وإنسان، وما في السماوات من نجوم وكواكب" (انظر الثائر الحميري لمصطفى غالب الإسماعيلي) ومن عقائد الإسماعيلية أن العقل الأول يماثله في العالم السفلي الناطق، كما يماثل العقل الثاني أو التالي الأساس (انظر راحة العقل للكرماني 356) وقال السجستاني: " منزلة الرسول في العالم الجسماني كمنزلة السابق في العالم الروحاني" (إثبات النبوءات 57).
وبناء على ذلك كل الأسماء والصفات التي أطلقت على الموجود الأول أو العقل الكلي أو السابق أو بقية العقول هي للناطق، والأساس، ولمن قام مقامها من الأئمة في العالم السفلي، أو حتى اسم الجلالة يقع عليه لأن كل خصائص العقل الأول جعلت للإمام (انظر مقدمة راحة العقل لمصطفى غالب الإسماعيلي 40). لأن من عقيدتهم أن الله أقام هذين العالمين " العلوي والسفلي" بعشرة حدود كاملة، خمسة حدود جسمانية، وخمسة حدود روحانية، فالحدود الجسمانية أو الارضية هم : النبي، والوصي، والإمام، والحجة، والداعي. ويقابل كلا منهم: السابق، والتالي، والجد، والفتح، والخيال. وهي ما أسموها بالحدود الروحانية (انظر الحركات الباطنية لمصطفى غالب الإسماعيلي 118،119).
وعلى ذلك نقلوا –كذبا- عن محمد الباقر أنه قال: " ما قيل في الله فهو فينا، وما قيل فينا فهو في البلغاء من شيعتنا" (كنز الولد للحامدي 195). وأصرح من ذلك ما قاله الداعي جعفر بن منصور اليمن: "فكل قائم في عصره فهو اسم الله الذي يدعى به في ذلك العصر كما قال عز وجل: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها[ (الكشف109). لذا قال الحامدي: "إن عليا هو الله الخالق البارئ المصور" (انظر كنز الولد 221). وذكر المؤيد الشيرازي بأن عليا رضي الله عنه قال وهو على منبره: "أنا الأول، وأنا الآخر، وأنا الظاهر، وأنا الباطن، وأنا بكل شيء عليم، وأنا الذي رفعت سماءها، وأنا الذي دحوت ارضها، وأنا الذي أنبت أشجارها، وأنا الذي أجريت أنهارها" (المجالس المؤيدية 147). يعني أن عليا هو الرب الحقيقي المتصف بصفاته، والمتحلي بنعوته، وكذلك الأئمة من ولده، لأنه يماثل العقل الثاني أو التالي أو اللوح المحفوظ، كما كان الرسول يماثل السابق، أو العقل الأول. نعم هذا ما يعتقدونه.
كما ذكر الداعي إدريس المكرمي نقلا عن علي أنه قال: "أنا اللوح المحفوظ… أنا أهلكت القرون، وأن ميتنا لم يمت وقتيلنا لم يقتل، ولا نلد ولا نولد" (زهر المعاني 76). وقال جعفر بن منصور اليمن مبينا الرب في قوله تعالى: ]وجوه يومئذ ناضرة[ يعني مشرقة ]إلى ربها ناظرة[ يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه" (الكشف 37).
هذا وان الألوهية ليست بمقتصرة على الناطق والاساس، أي على النبي والوصي حسب زعمهم، بل إن الأئمة كلهم من أولاد علي وآبائه يملكون اختيارات الألوهية، ويتحلون بأوصاف الربوبية. فنقلوا –كذباً- عن أبي الباقر جعفر أنه سئل عن صفة الرب فقال: "خمس كلمات: الله أحد، محمد الصمد، فاطمة لم تلد الحسن، ولم يلد الحسين، ولم يكن لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب كفو أحد". (الشموس الزاهرة حاتم إبراهيم 36). وأما عبدالمطلب فقد قالوا فيه:
وهو الذي به المتم قد غلب
وكان رب الوقت عبدالمطلب
(القصيدة الصورية للداعي الصوري 56).
وقد قال علي بن سليمان المكرمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " أنه رب العرش العظيم، وأن أبيه هو النبأ العظيم" (حياة الأحرار مخطوطة 13).
فبناء على ما تقدم فإن الشيرازي الإسماعيلي لا يرى بأسا بإطلاق الابوة على الله المتعالي، ولا بإضافة النبوة إليه فيقول: " نقول في أقوالهم في المسيح: أنه ابن الله، والحواريين أنهم أبناء الله، فإنه لا روعة في هذا القول إلا عند أهل الجهل الذين لم يرتعوا في مراتع العلم" (المجالس المؤيدية 147،148).
النقد: إن هذه الآراء مستقاة من الفلسفة الافلاطونية فهي قد جردت الله –تعالى عما يقولون- من كل صفة، وصرفتها إلى أول مبدع وهو العقل الأول. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنهم لا يثبتون إلا وجوداً مطلقاً لا حقيقة له عند التحصيل، وإنما يرجع إلى وجود في الأذهان، يمتنع تحققه في الأعيان. فقولهم يستلزم غاية التعطيل وغاية التمثيل؛ فإنهم يمثلونه بالممتنعات والمعدومات، ويعطلون الأسماء والصفات تعطيلاً يستلزم نفي الذات… إذ سلب النقيضين كجمع النقيضين كلاهما من الممتنعات. (الفتاوى ج3/7,8).
ولاشك أن قولهم هذا شرك في الاعتقاد والخلق، يخالف تماماً مفهوم الإسلام للوحدانية والتي أكدتها آيات القرآن الكريم في مثل قوله تعالى: ]ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون[ (المؤمنون 91) وقوله تعالى: ]وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون[ (النحل 51).
عقيدتهم في النبوة نوجزها في النقاط التالية:
1- النبوة مكتسبة، وأن الإنسان يستطيع أن يصبح نبياً بعد الارتياض والمجاهدة. حيث قالوا –بعد ذكر الصفات اللازمة من أجل اكتساب النبوة: "إذا اجتمعت هذه الخصال في واحد من البشر، في دور من أدوار القرانات في وقت من الزمان، فإن ذلك الشخص هو المبعوث وصاحب الزمان (رسائل إخوان الصفا ج4/129).
2- أنها فيض يفيض من أحد العقول العشرة. حيث قالوا: " إن الشريعة الإلهية جبلة روحانية تبدو من نفس جزئية في جسد بشري بقوة عقلية تفيض عليها من النفس الكلية" (رسائل إخوان الصفا ج4/129).
3- أن الرسول تعلم من بشر وليس من جبريل. لأن جبريل عند الإسماعيلية ليس بملك، بل هو عبارة عن أحد العقول العشرة، أو تعلم عن الخيال، أو البشر الذي يزعم الإسماعيلية أنه كان يعلم الرسول r –نعوذ بالله من هذا الكفر-، فقالوا: "وكان العقل العاشر هو المحتجب لمحمد r المؤيد له الناظر إليه المدد له بواسطة الجد والفتح والخيال عند كماله وبلوغه رتبة الحجابية، لأن كل ناطق ووصي وإمام لا بد له من التعليم والترقي رتبة رتبة كما قال تعالى: ]والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً[، فكان محمد r آخذا من أبي بن كعب في حال تعليمه ابتداء وهو المكنى عنه بجبرائيل" (الأنوار اللطيفة للداعي طاهر الحارثي 126،127). بل زادوا في الجرأة وقالوا: أن النبي r لم يقمه على منصب النبوة، ولم يبعثه إلا أبو طالب (انظر الأنوار اللطيفة للحارثي 160،161). كما أنه لم يوح إليه، ولم يعلمه، ولم يفده ويبصره إلا أبي، وميسرة، وزيد بن حارثة، وعمرو بن نفيل، وبحيرة الراهب، مع حجة أبي طالب خديجة رضي الله عنها (انظر كنز الولد للحامدي210، والمجالس المستنصرية25، وأجزاء من العقائد الإسماعيلية للداعي إبراهيم 72) فمحمد صلوات الله عليه وسلامه في معتقدهم هو رسول الرب أي أبي طالب، وموحى إليه من قبل أبي وغيره، ومعلم من قبل خديجة –عياذا بالله-.
4- أن القرآن ليس كلام الله، بل من كلام الرسول المركب من خطرات النفس. يقول السجستاني: "إن القبول قبولان: قبول سمع، وقبول وهم، فالقبول السمعي يكون بالكلام، والقبول الوهمي يكون بالخطرات، والكلام يكون من المتكلم في آلات الكلام، والخطرات من متفكر في خزائن العقل… فصح من هذه الجهة أن قبول الرسل قبول وهمي، يخطر في أفئدتهم وما أرسلوا به، ثم يؤدون إلى الأمم بلسانهم ولغتهم" (إثبات النبوءات147،148).
5- أن دعوة الرسول r ، ومن سبق من الأنبياء كانت إلى علي، وهو مرسل الرسل، وكان يفضل محمداً r، بل كان مولى له، وهو عبده: نقل إبراهيم الحامدي عن جعفر بن منصور اليمن أنه قال: " إن الله لا يقبل توبة نبي، ولا اصطفاء وصي، ولا إمامة ولي، ولا عمل طاعة من عامل ولو تقطع في العبادة واجتهد إلا بولاية علي ابن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه. فمن أتى بغير ولاية علي… أسقطت نبوته… فكما أن الله واحد أحد، فرد صمد لا شريك معه في ملكه، ولا صاحبة ولا ولد، كذلك مولانا علي عليه السلام واحد في فضله، أحد فرد صمد لا شريك له فيه، وليس له كفوا أحد" (كنز الولد للحامدي 218). وقالوا: "وعلي هو الحائز لرتبة الظاهر والباطن" (المسائل المجموعة 130). وقالوا: "ومعلوم أن محمداً r لم يحز إلا رتبة الظاهر فقط" وأكثر من ذلك: " أن محمداً كان مؤيداً بعلي" (المجالس المؤيدية للشيرازي). وقالوا عن علي: "إنه هو مجمع الأنبياء والأولياء والأئمة من أول الأدوار إلى قيامه (الأنوار اللطيفة 125،126). وهو الذي قال عنه الرسول –كما يكذبون عليه-: "علي أبو عترتي، وساتر عورتي، ومفرج كربتي، وغافر خطيئتي" "وإنه كان مولى رسول الله، والرسول عبده" (سرائر النطقاء لجعفر بن منصور اليمن 209 مخطوط). اللهم إني أعوذ بك من نقل هذه الكلمات الكفرية.
النقد: إن هذه العقائد مخالفة صريحة لنصوص القرآن وصريح السنة، مبنية على الكفر المحض.
فالنبوة اصطفاء من الله، وليست اكتساب، قال تعالى: ]الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس[ (الحج 75) والقرآن كلام الله، قال تعالى: ]إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي[ (الأعراف 144). والله قد أوحى إلى جبريل بالوحي ليتنزل به على محمد r، ولم يتعلم النبي r من البشر، قال تعالى: ]ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر[ (النحل 103). فهم ]يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنّا يؤفكون[ (التوبة 30).
وعلي رضي الله عنه داخل في أمة محمد r، وتابع له، قال تعالى: ]ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً[. (الأحزاب 71). والرسول r شاهد على الأمة قال تعالى: ]ويكون الرسول عليكم شهيداً[ (البقرة 143). ودعوة الرسول r إلى توحيد الله وعبادته، قال تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فأعبدون[ (الأنبياء25).
وأخيراً نقول إن قولهم أن النبوة فيض، ما هو إلا استمداد من الفلسفة الأفلاطونية، وامتداد لقولهم في الألوهية.
عقيدتهم في الوصاية والإمامة:
قولهم في الوصاية:
يعتقد بعض الإسماعيلية أن الوصي أفضل من النبي، والبعض الآخر يقول بالمساواة بينهما، ويقولون: بأن لكل نبي وصي، ولا يعدون الوصي إماماً، بل هو فوق الإمام، فالإمامة شيء، والوصاية شيء آخر.
ووصي رسول الله " هو علي، يقول الكرماني: "إن الوصي أول منصوص عليه من الحدود في الدورة والدعوة إلى التوحيد. فهو من حيث كونه كاملاً لا فرق بينه وبين الناطق" (راحة العقل ص216).
ولكن هناك من يعتقد من الإسماعيلية أن علياً افضل من النبي لأنه هو مقصود الدعوة ومرادها. قال جعفر بن منصور اليمن:" ]وصدوا عن السبيل[ يعني صدوا عن علي، وهو السبيل الذي لا تقبل العبادة إلا باتباعه" (الكشف 175).
وأكثر من ذلك ما يروونه أن الرسول r قد صدر عنه الذنوب بدليل قوله تعالى: ]ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر[، وأن علياً لم يصدر منه ذنب مطلقاً" (تأويل الزكاة لجعفر بن منصور اليمن ص 149 مخطوط). وقالوا: " ولاية علي حسنة لا يضر معها سيئة" (كنز الولد للحامدي ص221). وقالوا: "علي هو المبين مشكلات ما أتى به الرسول r" (الأزهار ص715). وقال الشيرازي: "لولا الوصي عليه السلام لما كان للمعارف الإلهية وجود". (المجالس المؤيدية 144).
قولهم في الإمامة:
ومختصره في النقاط التالية:
1/ أن الإمامة أصل من أصول الإسلام وأساسه، وأفضلها. قالوا: بني الإسلام على سبع دعائم: الولاية وهي أفضلها وبها وبالولي يوصل إلى معرفتها، والطهارة، والصلاة والزكاة، والصوم والحج، والجهاد. (دعائم الإسلام للقاضي النعمان ج1ص2، وتأويل الدعائم ج1ص51).
2/ الإمام مفروض الطاعة. قال المعز: "إن الله قد فضلنا، وشرفنا، واختصنا، واجتبانا، وافترض طاعتنا على جميع خلقه" (المجالس والمسايرات للقاضي النعمان ج19 ص420).
3/ ولا تخلو الارض من إمام أبداً، ظاهر أو مستور. قال الداعي حسن بن نوح: " إن الأرض لا تخلو طرفة عين من قائم بحق لهداية عباد الله، وخلقه، إما ظاهراً مشهوراً أو باطناً مستوراً" (الأزهار ص189).
4/ ولا يكون أحد إماما إلا من أولاد علي، الحسن والحسين، ثم في أولاد الحسين، لا في أولاد الحسن، ثم في أولاد إسماعيل، لا في أولاد أحد غيره. (انظر دعائم الإسلام ج1 ص28، والمصابيح في إثبات الإمامة للكرماني ص109).
5/ كل واحد منهم معصوم (المصابيح في إثبات الإمامة ص96،97، والمجالس والمسايرات ج7 ص183).
6/ يجب أن يكون الإمام منصوص عليه، ومعينا من قبل الله عز وجل. (المجالس والمسايرات ج7 ص183).
7/ ويكون الإمام افضل ممن سبقه. قال النعمان: "لا يأتي إمام إلا أعطاه الله فضل الإمام الذي مضى قبله، وعلمه، وحكمته، وزاده مثل ستة أسباع
- الموضوع من منتدى الساحات السعودبة لكاتبة ( الصايل الثاتى) وقد نقلتة للنفع العام لكافة المسلمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق